+ A
A -
ستظل مطالب دول الحصار فضيحة تطاردها الى الأبد.. فهي لم تلق الاستهجان والإدانة من الدول المهمة والمنظمات الحقوقية والهيئات الدولية فحسب، بل من رأي عام عالمي عبر عن اندهاشه وعدم رضاه مما وصفه وزير الخارجية الاميركية ركس تيلرسون بصراع عائلي يفرق الأخ عن أخيه والابن عن أبيه.
تذكرني هذه المطالب الموغلة في السادية والحقد، بجدار الفصل العنصري الاسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة. هذا الجدار الذي يبلغ طوله 800 كيلومتر، يقسم العائلات ويمنع مئات الآلاف من الوصول الى منازلهم وأراضيهم للفلاحة أو السقي أو القطف، أو الوصول إلى المدارس والمستشفيات وبيوت الاهل والأقارب.
مليون متضرر مباشرة في الضفة جراء الجدار الجائر، وآلاف الخليجيين دفعوا ثمن معاناتهم باهظا من أعصابهم ومن فقدانهم وظائفهم واضطرار الآلاف للبحث عن مسارات جوية أطول للسفر الى مكان، أو العودة من آخر.
وإذا كانت تركيا التي سيّرت أكثر من مائة طائرة شحن محملة بالغذاء والدواء الى قطر في الاسابيع الثلاثة الاخيرة، فقد لجأت الآن الى السفن لنقل السلع بسبب «الجدران الجوية» المكلفة التي فرضها المحور الرباعي الظالم.
ومن تداعيات الازمة، وهو ما توقعه الجميع جراء طيش دول الحصار، تلك المكالمة الطويلة التي تمت مساء السبت بين روحاني وصاحب السمو الشيخ تميم، حيث تناول الحديث الودي رغبة متبادلة في تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري، مع إبداء الرئيس الايراني استعداد بلاده للتخفيف عن الدوحة بكل الطرق الممكنة.
وربما يعض الطرف الآخر أصابعه ندما على ضوء النقلة النوعية التي تشهد عليها التغطية الإعلامية الواسع لاتصال روحاني بالشيخ تميم، في الوقت الذي عاودت فيه واشنطن إمساك العصا من منتصفها تجاه «صك الاستسلام» الذي قدمته دول المحور الرباعي الى قطر بصورة استفزازية تشوبها الغطرسة والفرعنة.
تيلرسون المسؤول عن ملف الازمة الخليجية يتحدث اليوم بأسلوب الحلول الوسطية: بعض مطالب دول الحصار يصعب على قطر تلبيتها، وبعضها الآخر يمكن ان يشكل أساسا للتفاوض حول التسوية!
كنا نظن ان البنود المشؤومة (عددها 13)، هي رزمة متحدة تُقبل كلها أو تُرفض كلها، لكن فَتْح تيلرسون المجال للانتقاء منها، فيه ظلم كبير وجهل أكبر، ذلك أن تلك المطالب مصاغة على شكل أوامر مطلوب قبولها خلال عشرة أيام، وتمثل ما يشبه أمرا إداريا موجها من «المركز» لينفذه عضو في الاتحاد السداسي المهدد بالانهيار في أي لحظة.
وما دامت قطر لن تغلق القاعدة التركية ولن تتخلى عن علاقتها بإيران ولن تلغي قناة الجزيرة، ولن تصف حماس بالحركة الإرهابية، فما هي البنود الأخرى المهمة التي يمكن التوافق عليها لإنهاء الصراع العائلي، يا مستر تيلرسون؟
دول الحصار تهدد قطر بالطلاق البائن إذا لم تقبل المطالب، وتيلرسون عاجز عن فرض حل، أو ربما تكمن مصلحة واشنطن في بقاء الأزمة دون تسوية.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
27/06/2017
1013