+ A
A -
كم كنا نأمل ألا تمر فرصة رمضان والعيد دون الامساك بطرف الخيط، ولكن ها هي الفرصة تمضي وتأخذ معها الخيط كله.. لذلك نقول بمنتهى الصراحة إن جملة المطالب التي تقدم بها محور الرياض - ابوظبي ومعهما المنامة والقاهرة، الى قطر، تشبه محاضرة حول الشرف يلقيها محتال.
فكرت كثيرا في وصف دقيق وسريع لتلك المطالب ولم أجد غير هذا التشبيه ذي الكلمات القليلة والذي يصيب الهدف في الصميم. نأسف لاستخدام مثل هذه العبارات، ولكن من يقرأ المطالب ولهجة التهديد والوعيد يحس على الفور بأن المحور الرباعي الشرير أراد تصوير قطر كزعيم للإرهاب في العالم، يدير شبكة مافيوية تمتد عبر الدول المبتلاة بالصراع الشرق أوسطي والخليجي.
وإذا كان الذين صاغوا الرسالة قد رفضوا نصيحة وزير الخارجية الاميركية ركس تليرسون بتقديم مطالب قابلة للتنفيذ الى قطر، فإنهم يكونون قد قرأوا الفاتحة على روح الأزمة، ووضعوا الدوحة في موقف سهل، الأساس فيه عدم الرد، من منطلق أن الرضوخ لهذه المطالب التي تشمل تسليم شخصيات مثل الشيخ القرضاوي الى مصر وقطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران، يمثل استحالة بالنسبة للقيادة القطرية.
لا نظن أن قطر بوارد التصرف بعصبية بعد اسبوعين من القرارات الحكيمة والمتبصرة التي اعقبت نكسة حزيران الخليجية، لكن الرياض لم تترك للدوحة سوى خيار واحد حسب اجتهادي الشخصي وهو الانسحاب المحتمل في النهاية من مجلس التعاون بكل الحسرة والألم والإحباط التي تسببت فيها دول عربية لدولة عربية «شقيقة»، إذا ظل الطرف المستبد متمسكا بهذه المطالب المصطنعة.
ومع علمنا بأن تضخيم الرياض الحالة الى هذا الحد المفزع، هو في النهاية فبركة شبه شاملة، مع التأكيد بأن قطر هي المؤهلة وليس الطرف الآخر، لتقديم المطالب وطرح الاسئلة والاستفسارات، فالمحاصِر (بكسر الصاد) هو دوما الظالم فيما المحاصَر هو المظلوم.
وما نعلمه أن اتهام قطر بتمويل الإرهاب يسري على الفترة التي تسمى الربيع العربي، أي منذ ست سنوات، مما يجعلنا نتساءل عن سر الانتظار كل هذه المدة لتوجيه الاتهامات المختلقة لأغراض سياسية استبدادية، إذ يبدو أن «الأخ الأكبر» استقوى بصفقة ترامب الترليونية، وأراد تحقيق حلمه بإخضاع قطر وإدارة مجلس التعاون، كما القطيع.
غير أن هذا الخيار غير وارد، كما أجزم، ليس فقط لدى القيادة القطرية، ولكن لدى بقية دول المجلس، ولدى الأتراك الذين رفضوا فور إعلان المطالب السادية، أي مساس بالقاعدة العسكرية التركية في الريان التي دعا المحور الرباعي إلى شطبها من الوجود.
وفي النهاية نحن متأكدون من أن الاتهامات الملفقة الموجهة إلى قطر والنابعة من نزعة ثأرية تذكرنا بداحس والغبراء، مردودة على من وجههوها، وبيوتهم كما نعرف جيدا، مصنوعة من أردأ أنواع الزجاج.
غير أن رشقهم قطر بالحجارة قوّاها وزادها فخرا وكرامة، وعزز سمعتها ومكانتها كمدافع عن الحرية في العالم، وعن فضائيته الوطنية «الجزيرة»، التي صدقت حين قالت إن مطالبة دول الحصار بإقفالها هي محاولة يائسة لإسكات الإعلام الحر في المنطقة.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
24/06/2017
1343