+ A
A -


يطلق عليه في اللغة اليابانية بوكيراي، وفي الفيليبينية بانجونجوت، وفي التايلندية لاي تاي، وفي الإنجليزية OLD HAG أو الشيطانة القديمة.. أما العرب فتطلق عليه الجاثوم لأنه يجثم على صدر النائم ويخنق أنفاسه ويمنعه من النهوض.. وجاء في كتاب لسان العرب لابن منظور: الجاثوم هو الكابوس الذي يجثم على صدر النائم بالليل وقال بعض اللغويين إنه يدعى الباروك (من فعل يبرك).. وقال عنه ابن سينا: يسمى الخانق والجاثوم والنيدلان، وهو خيال ثقيل يقع فوق صدر النائم ويمنع حركته وهو مقدمة للصرع أو السكتة..

وفي المقابل يعتقد العامة أن الجاثوم شيطان يخنق النيام، أو جني يسلطه السحرة، أو ملك يرسل لأخذ أرواح النيام...

ولكن الحقيقة هي أن الجاثوم (شلل لا إرادي) يحدث أثناء النوم ويمنع صاحبه من الكلام وتحريك جسده وأطرافه.. ومن أسبابه الحقيقية استيقاظ النائم خلال فترة الأحلام التي تكون فيها عضلاته مشلولة ومخدرة بالكامل.. ورغم أن الشلل ذاته أمر طبيعي (كي لا ينفذ النائم الأحداث التي يراها في الحلم) ولكن في حال فتح عينيه أثناء حلمه بالكوابيس (وكان جسده مايزال مخدرا بالكامل) يخيل إليه أنه يرى أحداثاً حقيقية وشياطين تجثم على صدره بسبب عجزه عن الحركة..

وهذا يعني أن سبب الجاثوم الأساسي هو عدم انتهاء حالة الخدر العضلي حين يحين موعد استيقاظنا الفعلي.. وهي حالة تتسبب بالفزع والشعور بالاختناق وعدم القدرة على الحركة، ناهيك عن رؤية وسماع أشياء مخيفة..

واستمرار حالة الشلل العضلي تحدث لأسباب كثيرة من أهمها اضطراب مواعيد النوم، وتناول بعض الأدوية النفسية والمنومة، والحرمان من النوم لفترة طويلة، ناهيك عن النوم الدائم على الظهر كمرضى المستشفيات..

وفي حين لا يعتقد معظم الأطباء بوجود مخاطر حقيقية للجاثوم، هناك فرضية حديثة تربطه بظاهرة الموت المفاجئ بفعل الكوابيس أو NIGHTMARE DEATH SYNDROME.

والحقيقة هي أن شعوباً كثيرة تعتقد أن الجاثوم كائن شرير يسرق أرواح الناس أثناء نومهم.. ففي لاوس وفيتنام مثلاً يؤمن الناس بأن الوفيات التي تحدث أثناء النوم تحدث بسبب شيطانة تسرق الأرواح تدعى «تسوب»، وفي حال كان المتوفى شاباً وسيماً تدعى «داب تسوام» أو روح امرأة غيورة.. وكان الأطباء قد لاحظوا ارتفاع حالات الوفاة أثناء النوم بين شباب الهامونج اللاجئين إلى أميركا (وهي قبيلة تنتشر في فيتنام ولاوس كانت محالفة لأميركا خلال حرب فيتنام).. وفي حين كان الهامونج على قناعة بأنها روح امرأة غيورة تخطف أرواح الشباب كي تقترن بها في العالم الآخر، رأى الأطباء النفسيون أن هذه الوفيات تحدث بسبب كوابيس شديدة نجمت عن ذكريات الحرب لدى من كانوا أطفالاً في ذلك الوقت لدرجة توقف قلوبهم عن العمل أثناء النوم والآن؛ ما الذي دعاني لكتابة هذا المقال المرعب؟

أولا: لأن الجاثوم حالة لا يسلم منها أحد، ويمر بمعظمنا مرة أو مرتين في العام.. وثانيا: لأن من أسباب علاجها إدراك السبب الحقيقي وراء حدوثها (وأنها ليست شيطاناً أو عفريتاً يسرق الأرواح).. فمجرد وعينا بأسباب الجاثوم يخفف من تكرار حدوثه وحدة الفزع التي تصاحبنا عند وقوعه..

والدليل؛ أنه يتكرر لدى الأطفال والغافلين بنسبة أكبر من البالغين الواعين للمشكلة.

بقلم : فهد عامر الاحمدي

copy short url   نسخ
16/04/2016
22792