+ A
A -
الوضع في سوريا أقل ما يمكن أن يوصف به هو أنه جريمة بشعة إلى درجة يصعب معها إيجاد العبارات المناسبة لنقل ما يحدث هناك من مجازر ومذابح فاقت كل وسائل الوصف والتوصيف. مجزرة حلب الأخيرة وقد تضمنت قصف المستشفيات ومدارس الأطفال وكل التجمعات السكنية المدنية تكشف حجم المجزرة التي ارتكبت بواسطة القصف الجوي المكثف على الأحياء والمباني والشوارع. المستهدفون هم أساسا ممن لم يستطيعوا مغادرة المدينة بعد أن نزح عنها أغلب سكانها كما هو حال أغلب المدن السورية التي تحولت إلى أكوام من الخرسانة ومن الفولاذ المصهور بفعل القصف والتفجير. المستهدفون كما ظهروا على الفيديوهات المسربة من داخل المدينة أطفال ونساء وشيوخ قضوا تحت الأنقاض في مشاهد يعسر على المرء مشاهدتها لما تحمله من مناظر وحشية مرعبة.

لن نخوض هنا في الصمت الدولي المطبق أمام هذه الجرائم التي تعد انتهاكا واضحا وصريحا للقانون الدولي ولكل الأعراف والمواثيق الأممية التي لم تفعّل ولم تتطبق كما ينص على ذلك البند السابع من الميثاق الأممي حيث تشهد البلاد حرب إبادة حقيقية ضد شعب طالب بالحرية والكرامة بكل سلمية فواجهته قوات النظام والجيوش الموالية لها بأعنف أسلحة الفتك والموت والتدمير. لن نخوض في ذلك لأن القوى العظمى التي تمسك بالملف السوري وعلى رأسها الأمم المتحدة تبدو متورطة إلى حد بعيد في وصول الوضع السوري إلى ما هو عليه كما كان الحال بالأمس بالنسبة للملف الفلسطيني والملف العراقي. أما عربيا فباستثناء قطر وهي الدولة العربية الوحيدة التي تحركت دبلوماسيتها باكرا من أجل وضع المجتمع الدولي والمجموعة العربية أمام مسؤوليتها التاريخية من المذابح والمجازر فإن الكتلة العربية وحتى الإسلامية لم تتحرك من أجل إيقاف المذبحة المفتوحة منذ خمس سنوات. أما الجامعة العربية التي يسيطر طابع الخلاف والشقاق على الأطراف المكوّنة لها وذلك منذ تاريخ نشأتها فإنها أعجز من أن تتجاوز مجرد التنديد وتقديم بيانات الاستنكار والشجب.

في المقابل مثل الفضاء الافتراضي المتنفس الوحيد أمام الجماهير العربية المختلفة لتعبر عن حجم العار الذي لحق الإنسانية والمجتمع الدولي بسبب هذه الجرائم مذكرة بحوادث أقل قيمة وحدّة كانت المجموعة الدولية قد تدخلت من أجل فضها مثلما حدث في البوسنة والهرسك أو في دول افريقية عديدة خلال العقود القليلة الماضية.

أما إعلاميا فقد كان للصراع على الأرض صداه على المنابر الاعلامية العربية والدولية حيث دافعت أبواق النظام السورية والإيرانية والروسية عن المجازر والمذابح بل إن محطات عالمية مثل البي بي سي الناطقة بالعربية زوّرت وقائع على الأرض متهمة المعارضة السورية بقصف حلب في فضيحة إعلامية مدوّية.

بقلم : محمد هنيد

copy short url   نسخ
05/05/2016
1344