+ A
A -
في الوقت الذي نظن فيه أننا نجحنا وحققنا أحلامنا نكتشف أننا فقدنا هذه الأحلام وفقدنا أنفسنا، إن نجاحنا يبتذلنا كما قال الأديب العالم مصطفى محمود.. يعتقلنا... ينتهك حرماتنا.. يضيع من أيدينا حياتنا الحقة. حياة البحث عن العدالة والجمال والحرية والحقيقة. حياة الحنين لكل ما هو صادق وأصيل. إن اشرف وأجمل وأنبل ما فينا يعتقل في اللحظة التي نصبح فيها ناجحين عمليين. لأن مطامعنا الصغيرة الرخيصة تعتقل تطلعاتنا العالية الرفيعة. بحكم الوصول لا بد لنا من المرونة والتكيف حتى لا نصطدم ونتصادم. حين نبلغ أعلى درجات النجاح لا بد ان نداهن ونجامل وننافق ونتملق ونكسب الناس بالكذب عليهم. ولا بد لنا من تجنب الصدق. لان الصدق يجرح. وتجنب الصراحة لأن الصراحة تصدم. لا بد ان ننافق من نكرههم لأننا ننتظر فائدة من ورائهم. ونتجنب من نحبهم لأنهم يعطلوننا ويرهقوننا بالطلبات. لابد من أن نكتم ما يجب قوله ونعلن ما نكره قوله. ولا بد من الانحناء لندخل من الأبواب الضيقة.. لا بد أن نتنازل عن حريتنا عن نفوسنا... ان معظم الناجحين الذين وصلوا للقمة، قمة كل شيء، يعانون من الوحدة ويجدون أنفسهم بلا دافع بلا هدف.. تركيزهم على أنفسهم يحرمهم من كل ما حصلوا عليه، ولذا تنتهي حياة معظمهم بالانتحار أو الموت قبل الموت.. أي الانحدار من القمة للسفح. ويروي لاعب بيسبول أميركي كان ناجحا ذات يوم أنه سأل احد البارعين في تسلق الجبال هذا السؤال أيهما اشق الصعود أم الهبوط؟ فقال:انه الهبوط بلا أدنى شك. لأنك عند الصعود يكون كل تركيزك على بلوغ القمة وتجنب الأخطاء والمزالق. أما نزول الجبال فهو معركة ضد الطبيعة البشرية. إذ يتوجب عليك أن تتجنب الأخطاء ونظرة الشماتة في عيون من ينتظرون تعثرك وان لم تكن تعرفهم من قبل!! قمة النجاح األا تشعر به ولا تنشغل به وتظل تحلم به... قمة النجاح ألا تكون وحيدا وأن تكون إنسانا.

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
07/06/2017
1914