+ A
A -
عندما قرأت اسم كاتب المقال، زاد اهتمامي بقراءة محتوياته، فالكاتب رجل دين شيعي درس في مدينة قم الايرانية وزميل في معهد واشنطن للشرق الادنى. أما الصحيفة فهي الواشنطن بوست الاميركية. وقلت في نفسي ان الاطلاع على رأي مثقف ايراني على صلة بالتطورات الايرانية، ومطلع على مجريات الامور هناك، اكثر فائدة من ألف مقال تنشر في الصحف والمواقع المؤيدة للنظام في طهران.
تضاعف تشوقي لقراءة مقال «مهدي خلجي» بعد ان اطلعت على عنوانه: «الانتخابات انتهت.. لكن التحول الايراني الكبير قادم بأسرع مما تظنون»، ثم ان جدية المحتوى وجودته، يبعدان عن الخاطر تهمة العمالة او الاسترزاق، بالنسبة لي على الاقل.
ويرى خلجي ان نخبة الجمهورية الاسلامية تعرف بالضبط كيف تبدأ الثورات وما الذي يبقيها مستمرة، وانه بالبناء على الخبرة المباشرة وعلى خبرة الانظمة الاستبدادية في القرن الحادي والعشرين، قامت حكومة طهران بتصميم نظام معقد ومتقدم لتدمير الروابط الاجتماعية التقليدية، من خلال عزل المواطنين عن بعضهم البعض، ورفع كلفة أي نشاط عام يسعى لتقويض النظام».
ويستنتج الكاتب ان هذا النظام المسيطر اصبح اكثر كفاءة حين ادت التطورات الاخيرة في الشرق الاوسط الى تكثيف مخاوف ايران الامنية والاقتصادية الى درجة اصبحت تطغى معها على الرغبة في الديمقراطية».
وإذ تم تصوير داعش في ايران على انه كيان وحشي تدعمه القوى الغربية ضد نظام الملالي (وهذا ليس صحيحا بالطبع)، فإن قلقا ملحا يجتاح الايرانيين مخافة حدوث انتفاضة شعبية عندهم تشبه ما حدث في مصر وسوريا.
وشمل الخوف النظام كذلك، حيث لجأ الى تعزيز آلية الرقابة الامنية وأجهزة القمع القديمة، لكن فوز روحاني مرتين يؤشر الى رغبة الشعب بالاعتدال. اما النظام الذي يتحكم فيه المرشد علي خامنئي فيعاني حسب الكاتب من إفلاس ايديولوجي دفعه لزيادة اعتماده على الجيش والامن والمخابرات.
ومع ان الناس في ايران لا يحبون النظام لاستخدامه «القوة الصلبة» ضد المزاج الجمعي، فإن الكثيرين ينظرون اليه على انه الضمان الوحيد ضد معايشة عدم اليقين السائد في منطقة مضطربة.
ويقول مهدي خليجي ان هشاشة النظام السياسي تكشف عن نفسها في اوقات الازمات، وان احتجاجات عام 2009 الجماهيرية الحاشدة كانت مفاجأة كاملة، متوقعا ان تأتي لحظة اكثر حسما عندما يغادر خامنئي (77 عاما) المريض، المشهد في وقت قريب.
ويضيف الكاتب ان خامنئي اتبع خلال حكمه مبدأ «فرق تسد»، وهذا طريق أدى الى خلق مؤسسات متداخلة او متماثلة لا تمتلك اي منها سلطة كاملة ولا حتى في أي مجال معين، مما ضمن للمرشد ان يكون المالك الوحيد للسلطة.
بعد خامنئي، سيكون على الحرس الثوري العثور على خليفة للمرشد وهو امر صعب جدا، في ظل بيروقراطية مؤسسية شاملة، او الاقتتال بين اجنحة الحرس اذا فشل في ايجاد بديل متفق عليه لحكم الولي الفقيه.
وينصح الكاتب الغرب بمواصلة التعامل مع ايران بعد خامنئي، ولكن بأسلوب يسمح بإدامة الضغط، وإلا فإن طهران ستهرب من التفاوض مع العالم، وهذا خطير.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
28/05/2017
1101