+ A
A -
في شهر رمضان المبارك، تحتاج النفس إلى فسحة روحية، للتخلص ولو من قليل من تلك الأعباء الثقيلة، التي ترزح تحتها طوال العام، خصوصاً بعد أن تداعت علينا الأمم كما يتداعى الأكلة إلى قصعتهم، وأصابتنا سهام النقد والتهجم والجهل من كل حدب وصوب.
ليس لفضل بعد كتاب الله الكريم، من سيرة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، لنتوقف مع شذرات منها لننهل من معينها العذب، ومع تعدد مصادر السيرة النبوية المباركة، اخترت أن أتوقف مع صفحات من كتاب «فقه السيرة» للعلامة محمد الغزالي، لقربه الشديد لغة ومعنى، من لغتنا وعصرنا.
يقول الشيخ الغزالي في مقدمة كتابه، فقه السيرة،
- ان المسلمين الآن يعرفون عن السيرة قشورا خفيفة، لا تحرك القلوب ولا تستثير الهمم. وهم يعظمون النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، عن تقليد موروث وعرفة قليلة. ويكتفون من هذا التعظيم باجلال اللسان، أو بما قلت مؤنته من عمل. ومعرفة السيرة على هذا النحو تساوي الجهل بها. انه من الظلم للحقيقة الكبيرة، ان تتحول إلى اسطورة. ومن الظلم لفترة نابضة بالحياة والقوة، ان تعرض في أكفان الموتى.
-ان حياة محمد صلى الله عليه وسلم ليست – بالنسبة للمسلم-، مسلاة شخص فارغ أو دراسة ناقد محايد، إنها مصدر الأسوة الحسنة، ومنبع الشريعة العظيمة التي يدين بها. فأي حيف في عرض هذه السيرة، واي خلط في سرد احداثها، اساءة بالغة إلى حقيقة الإيمان نفسه.
- محمد صلى الله عليه وسلم ليس قصة تتلى في يوم ميلاده كما يفعل الناس الآن
- ان الجهد الذي يتطلب العزمات هو الاستمساك باللباب المهجور، والعودة إلى جوهر الدين ذاته.
- ان المسلم الذي لا يعيش الرسول صلى الله عليه وسلم في ضميره، ولا تتبعه بصيرته في عمله وتفكيره، لا يغني عنه أبدا ان يحرك لسانه بألف صلاة في اليوم والليلة.
- ولكن ان تكون هذه العاطفة وحدها مظهر الولاء له، فهذا ما يحتاج إلى تهذيب وبيان.
- ألا ما ارخص الحب اذا ما كان كلاما، وأغلاه عندما يكون قدرة وذماما.
---
سأتشرف بترك المساحة طوال الشهر للغزالي رحمه الله، ولأن المساحات تقصر مهما اتسعت عن سيرة المصطفى، فستكون وقفاتنا القادمة، فقط مع الاسس الثلاثة، التي أرساها رسول الله صلى الله عليه وسلم لبناء المجتمع في المدينة المنورة.
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
28/05/2017
2802