+ A
A -
يقبل الحليف حليفه كما هو بحسناته وسيئاته ويتغاضى حتى عن سلبياته ويتحمس لإرضائه بغض النظر عما فعل أو قال في السابق، فكل اتفاق جديد لا يجُبُ ما قبله فحسب، بل يشطبه من الوجود اذا لزم الامر.
وما جرى في الرياض مؤخرا حين وقعت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة «صفقة القرن» لا يشذ عن القاعدة، بل يؤكدها ويبرهن على صحتها. اما التعدي الإلكتروني الشائن على قطر فله صلة مذمومة بالصفقة ومتطلباتها، وإقحام لا لزوم له فيما ينص عليه التحالف الجديد في المنطقة.
ونتذكر بالطبع، وبشيء من الاندهاش، التصريحات التي كان ترامب قد أدلى بها إبان حملته الانتخابية وأوائل رئاسته، عندما فتح النار على المملكة وطالبها بأن تدفع لأميركا «ثمن حمايتها لها»، مهددا بوقف شراء النفط منها، ومتهما اياها بأنها اكبر ممول للإرهاب في العالم. غير ان الرئيس الاميركي تراجع عن اتهاماته وحتى عن حملته العنصرية ضد العرب والمسلمين واللاجئين والسود، وقلب مواقفه رأسا على عقب.
السياسة ليس لها قاع، والقادة كثيرا ما يتراجعون عن أقوالهم ومواقفهم ويبدلونها كما يبدلون ملابسهم، لكن ما اقدمت عليه بعض الجهات غير المجهولة من اختراقات وعمليات قرصنة ضد وزارة الخارجية ووكالة الأنباء القطرية، قوّلت الدولة ما لم تقله وذهبت الى حد نشر معلومات ملفقة مفادها ان قطر بصدد طرد سفراء السعودية ومصر والبحرين والكويت والإمارات.. هكذا دفعة واحدة.. يا لها من أكاذيب!
وضمن هجمة الهاكرز المعيبة تم نشر تصريحات كاذبة نُسبت الى سمو الأمير بعد منتصف الليل، مع ان الحوارات الصحفية تبث عادة ظهرا او مساء وليس بعد ان يكون اغلب الناس نائمين!
لا نشكك في حدوث القرصنة، لكننا نعتبرها ثانوية في سياق الاحداث، وسيكشف التحقيق تفاصيلها في النهاية. نقول ذلك لأن علينا ان نفهم جذر المشكلة من خلال ما نصت عليه الاتفاقيات الموقعة في الرياض.
وإذا كانت دولة الامارات قد تراجعت عن مسلكها «المتطرف» في اليمن وأعلنت انسجامها التام مع الطرح السعودي، على سبيل المثال، فإن هذا التعديل يمثل نوعا من الاعتذار أولا، ومن المباركة لترتيبات سلمان وترامب ثانيا.
ما أريد توضيحه هنا ان الكلام الليلي المفبرك المنسوب للشيخ تميم، وصاغه هاكرز، عبرت شياطينهم الى الوزارة والوكالة، يدس السم بالدسم رغم ان الدوحة كما نعلم، ليس من مصلحتها أن تُصعّد مع السعودية او الولايات المتحدة، وأن أي تصعيد ضدهما ليس فيه اي مقدار من الصوابية او الحكمة.
وكي لا نطيل الحديث حول ما حصل وما لم يحصل، ألخص رؤيتي بأن الحوار هو السبيل الوحيد بين الإخوة، للتفاهم حول افضل السبل لتفعيل صفقة القرن في ظل قيادة السعودية التي تمثل خط الدفاع الاول والرئيسي عن الخليج والشرق الاوسط، وتسوية اي خلافات ربما تكون قد نشأت قبل زيارة ترامب للمنطقة، بشأن قضايا كالإرهاب والمقاومة وإيران والإخوان وغيرها.
لا شك بأن ما سعى اليه الواقفون وراء القرصنة هو زرع الفتنة بين دول التعاون والإساءة لعلاقة قطر مع اشقائها وخاصة السعودية، وكذلك مع الولايات المتحدة التي نشر إعلامها في الاسابيع الاخيرة مقالات مستهجنة رتبها أعداء قطر الذين ساءهم ان يعترف ترامب ان الدوحة شريك استراتيجي في مكافحة الارهاب.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
27/05/2017
1286