+ A
A -

«إلى مَن لم أفتح نافذتي في وجوههم منذ نهر غياب..
إلى مَن لم أَرُدّ على تهنئتهم الرمضانية وقد زَفَّها فَمُ الواتس كزغرودة إلى عينَي موسم الألم..
إلى مَن تَرَكْتُهم يُفَصِّلُون قميصَ عِتاب كيفما شاؤوا مُحَطِّمِين جَرّة الحنين..
إلى مَن لم أُوَاكِبْ جديدَهم بابتسامة وحُلم وأغنية..
ولم.. ولم..
لن تَفهموا صمتي.. لكن افْهَمُوا أنني أنزف، وافهموا أنني في حالة انتظار، وفي انتظاري ما يَعِدُ بموتي أو حياتي..
كأنني سقف يَسقط.. كأنني جدار يَنهار.. كأنني كأنني..».
..
خراب عاجل
يَزفّه الزمنُ القاسي إلى علبة الليل
الذي يَسكنه
وأنت تراهن على القمر السجين
في حجرة الحُلم
تحت مظلة السماء
التي لا تُمطِرك
إلا حجارة وأشواكا
تُحْدِثُ بروحك
الثقوبَ
التي يُحْدِثُها وخز الإبر.
..
يَتبدد يقيني بأثير شكي
في شفافية الوقت الأبله
الذي يَمضي
صارما حازما ناقما
كرُعاة البقر،
ونحن رُعاة القمر
المساكين
يَكفينا
أن نَحصد بصيصَ النجوم
التي يَليقُ بها أن تُولول
حزنا وكمدا
على راعي عرشها
وقد حَجبَتْه الشجون
خلف القضبان.
..
حينما يَنهار القمرُ المسالم
على عرشه
أَبُثُّ أعمدةَ الكهرباء حزني،
أَبُثُّها حزني وشجني
وأنا أستجدي ذُبَالَتَها
أن تُفسِح لي بعض الطريق
لِأُبْصِرَ
إلى أين يَمضي بي غدي.
..
أَتَرَفَّعُ عن الحُكم الجائر
الذي حَكمَ به في حقي
الزمنُ الجائر،
الزمن الذي أَبَى أن يُنصِفَني
أو يَعترفَ بقضيتي.
..
أَشدُّ الرحال
إلى زمن عادل
في كواليس الحُلم
وأنا أرسم للشمس ثغرا
باسما يُناجيني
باسم الحُبّ
الذي شطره رمح أعمى شطرين،
وبين حاء وباء
تشتهيني جذوة حرفٍ لقيط
لأضِيعَ أنا
أنا المعنى العَصِي على الولادة.
..
أَتَأَهَّبُ للرحيل
عند رحيل كل مساء
يَربض في حافة شرفتي
لِيُقاسمني
تباريحَ قيثارة العمر المشروخة،
ومع كل وصلة وتر حزين
تتجدد كاف الخطاب
المذَيَّلَة بدمي ودموعي
المصلوبين
على جدار الدهشة
منذ ما قبل سَفَر التكوين
الذي كَبَتْ فيه جيادي
وغزلاني
لأراني
في مرآة الحزن أميرةً مُتَوَّجَة،
وفي عيون الحرمان طَلاًّ ومطرا.
..
يَقول برجي اليوم:
«كُفِّي عن مناداة الحظ،
وألقي بسلال فاكهة عمرك
عند قَدَمَي المستحيل».
..
أما العرافة الشمطاء
في خيمة النسوة العاقرات،
فتُجْبِرُهُنَّ على الجلوس
فوق صحنِ بيضِ الزمن
حتى يُبَيِّضن حظوظهن.
..
سُفُن العشق تُرخي أشرعتَها،
وبحر الجنون بين مدّ وجَزْر،
وطائر الشوق الحزين
يقرع بابَ عُشِّي
الْمُعَلَّق على شاطئ النسيان،
فمتى تَسْقط قُبَّعَةُ الليل؟!
- كاتبة مغربية
بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
27/05/2017
3409