+ A
A -
مشروع القانون إياه، سَبَقَ وأن طرحه قائد جهاز الموساد الأسبق الجنرال (آفي ديختر) قبل عدةِ سنوات، وفيه الإيغال المتواصل في محاولات فرض الرواية الميثولوجية الصهيونية، التي تتحدث عن اليهود كقومية ودين بنفس الوقت، وليس كدينٍ فقط، وهو مايجافي حقيقة الواقع والأشياء، فاليهودية دين وليست قومية كما يدعي أساطين الحركة الصهيونية. وهو في الوقت ذاته محاولة من ساسة «إسرائيل» لإعادة تعريف الدولة العبرية الصهيونية، ورسم ملامحها وفقا للمقولات الميثولوجية، وارتباطاً باشتراطات بنيامين نتانياهو ومطالبته للفلسطينيين الاعتراف بـ «يهودية إسرائيل»، كشرطٍ مُسبق لبدء المفاوضات بين الجانبين.
وفي جانبٍ هام منه، إن «قانون القومية» المطروح «إسرائيلياً» موجه أيضاً للمس بأبناء فلسطين داخل مناطق العام 1948 والذين يحملون الجنسية «الإسرائيلية»، ويختصر بهذا عصارة حقد وكراهية وعنصرية الحكومة «الإسرائيلية» ضد المواطنين العرب الفلسطينيين. وبالتالي إن مشروع القانون إياه، والمصادق عليه بالقراءات الأولى، سيكون طريقاً مُعبداً لإقرار قوانين أكثر عنصرية وحقداً في «إسرائيل» ضد المواطنين العرب في الداخل 1948، وطريقاً لسن جُملة من التشريعات والقوانين الهادفة لتكريس الإحتلال وسرقة الأرض الفلسطينية من جهة، وتعميق نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في فلسطين من جهة ثانية. فالنص الجديد لــ «قانون القومية» في «إسرائيل» في قراءاته الأولى، تجاوَزَ لكافة أشكال أنظمة التفرقة والتمييز التي شهدتها الصفحات السوداء من التاريخ الإنساني، ويؤسس حالِ إقرارهِ لمرحلةٍ جديدةٍ من العنصريةِ والكراهيةِ، وهي عنصرية لا يستحضرها سوى صاحبِ عقلٍ مريض.
إن «قانون القومية» الذي تسعى حكومة نتانياهو لإقراره بشكلٍ نهائي، يُهدد ما يقارب مليون وثمانمائة ألف فلسطيني يقيمون في الداخل ويحملون الجنسية «الإسرائيلية»، وسيحرم ما يقارب من سبعة ملايين لاجئي فلسطيني من العودة إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948 طبقاً للقرار الأممي 194 الصادر عام 1949. إنه قانون عنصري، ديني، مكارثي، ومعادي للديمقراطية، ويتوقع حال إقراره بشكله النهائي أن تكون تداعياته كارثية على عملية التسوية برمتها، خاصة وأن اليمين واليمين العقائدي التوراتي في «إسرائيل» والقابض على سلطة القرار في حكومة نتانياهو الإئتلافية يتمسك بمفهوم «أرض إسرائيل الكبرى» بشكلٍ ينسجم مع مضمون ونص هذا القانون العنصري، لاغياً أي مكان لحل الدولتين، ولإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة كما تقول وتنادي قرارات الشرعية الدولية.
وبكل الحالات، ولمن يتجاهل حقائق التاريخ، والواقع، إن أصحاب مشروع «قانون القومية» في الدولة العبرية الصهيونية، لا يستطيعون اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، واستبدال تاريخه المُمتد لأكثر من ستة آلاف عام، واللغة العربية المُستهدفةِ أيضاً من وراءِ إقرار القانون، ليست بحاجة إلى اعترافِ احتلالٍ سعى بشتى السبلِ إلى إحلالِ ثقافتهِ.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
27/05/2017
1739