+ A
A -
سمعنا كلاما جميلا في بيت لحم اثناء لقاء دونالد ترامب ومحمود عباس، لكن الكلام الجميل لا يبقى جميلا اذا لم يقترن بالتنفيذ الجدي. وفيما نعترف ان الرئيس الخامس والاربعين هو اول رئيس اميركي يقول بالحرف ان «نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله هو مفتاح السلام والاستقرار في المنطقة والعالم»، فإننا نمنحه تصفيقنا الحاد، ولكن مع الاحتفاظ بحقنا في سحبه!
ليس سهلا هذا الكلام في الاوقات الصعبة التي تعيشها منطقتنا، وليس سهلا ان يكرر ترامب التزامه بتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين على اساس حل الدولتين، معربا عن امله في ان يسجل له التاريخ ميزة مهمة وهي انه الرئيس الاميركي الذي ارسى في ولايته السلام في المنطقة.
ولم اصدق اذني وأنا اسمعه يقول ذلك وغيره من كلام رد عليه محمود عباس بالقول ان الصراع عندنا ليس بين الاديان لكنه صراع مع الاحتلال والاستيطان. وهذا الكلام ايضا جميل، لكنه مكرر ألف مرة دون نتائج، فمن الذي يضمن ألا يتردد ألف مرة اخرى اذا لم تبدأ خطوات عملية لترجمة الاقوال الى افعال؟
قبل يومين فقط انتهت قمم الرياض الثلاث التي وقفت بقوة غير مسبوقة ضد المشروع التوسعي الايراني الذي نرجو ان يبدأ بالانحسار على خلفية 34 اتفاقا ومذكرة تفاهم وقعت بين الملك سلمان وترامب وتتناول الشؤون العسكرية والامنية والاقتصادية وقطاعات النقل والبناء والصحة وغيرها، وشكلت ما يبدو انه حملة احتواء طويلة الامد، هدفها لجم العدوان الايراني مع الاحتفاظ بالخيار العسكري على الطاولة اذا اخفقت المساعي السياسية والدبلوماسية.
وكما لا يخفى على احد فإن ايران تنفق اكثر من نصف عائداتها النفطية على مشروع الهيمنة على المنطقة العربية، وعلى تأسيس الميليشيات وصناعة الاسلحة. هذه حقيقة لا تحتاج الى اثبات، ما يدفعنا الى التساؤل فعلا عما اذا كنا بحاجة الى اسرائيل ثانية؟
العالم العربي او ما تبقى منه سليما بعد الهجمة الايرانية الشرسة على الخليج والشرق والاوسط، يؤمن، كما تؤمن واشنطن، انه لا سبيل لتفادي التصعيد إلا عندما تبدأ طهران رحلة الهبوط من شجرتها العالية، وتعمل على سحب الحرس الثوري وميليشيات حزب الله والحشد الشعبي الارهابي الذي تأتمر بأمره عشرات الميليشيات التي تتراوح بين خمسين وستين ميليشا، تستخدم في الاغراض التوسعية على امتداد المناطق العربية الخاضعة للنفوذ الايراني.
لا نظن ان روحاني كان سيفوز بالرئاسة الايرانية لو لم يُرِدْ خامنئي ذلك، غير ان المرشد شعر كما يبدو بأن الاتفاق النووي الذي يشكل بقرة ايران الحلوب، مهدد بالشطب او التجميد اذا لم تباشر طهران تقليص وجودها العسكري والسياسي خارج حدودها، وأن تأخذ بالاعتبار نصائح من طالبوها باستخدام الاموال في اطعام فقرائها الذين يقيم 36 مليونا منهم في مدن الصفيح، بدل اطلاق الصواريخ والاعتداء على الجوار.
في فلسطين وفي ايران، الامور معلقة ومفتوحة الابواب بانتظار ترجمة الاقوال الى وقائع. واذا لم تستجب اسرائيل وإيران بأسرع ما يمكن الى نداءات الشعوب والاوطان، فعلى دنيانا السلام!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
24/05/2017
2057