+ A
A -
ليس كل من حصل على رخصة من وزارة التجارة وسجل اسمه في السجل التجاري اصبح رجل اعمال.. فرجل الاعمال.. لا يصنعه سجل ولا رخصة، بل تصنعه الحياة.. هذا ما يقوله رجل اعمال «لايقرأ ولا يكتب».. ويؤكده رجل اعمال حاصل على الماجستير في إدارة الاعمال.. فكلاهما يؤكد ان «التجارة» موهبة قبل ان تكون مهنة، وقبل ان تكون دراسة، ومن يدرس الاعمال، هو لصقل هذه الموهبة.. ويضيفون انها فن من فنون الحياة.. ومن يُجد هذا الفن يحقق النجاح.. كما انها مهنة تحتاج إلى اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.. وتظهر بوادر موهبة رجل الاعمال منذ الطفولة.. وتكبر معه هذه الموهبة وقد لا يحتاج إلى جامعات أو مدارس لتنميتها.
حالتان.. واجهتهما لرجل اعمال: الأولى لرجل الآن في العقد الثامن لا يقرأ ولا يكتب، ولديه شركات تجارية عملاقة، منها شركة تأمين عالمية، ولديه اسهم في مختلف البنوك والشركات الكبرى.. بدأ يمارس هوايته وهو في الخامسة عشرة من عمره، باستثمار اموال الآخرين، ولأمانته وثقته وشطارته، وثق به الناس فوضعوا اموالهم لديه، واصبح كالبنك المتنقل، يتاجر في الاسهم والعقارات وغيرهما، ويعطي لكل ذي حق حقه، والثانية لرجل اعمال في الخمسين من عمره بدأ عمله في التجارة وهو في العاشرة من عمره بائع محل كهرباء، ثم صاحبا للمحل، ثم تاجرا يعقد الصفقات مع الشرق والغرب، ولا يجيد اكثر من كلمة «ثانك يو» بالانجليزية.
ويعتمد على مترجمين في معظم عقوده الخارجية بأسلوب يحقق الربح، وشعاره فقه العملاء.
كثيرون يندبون حظهم عندما يجدون انفسهم قد امضوا سنوات طوالا على مقاعد الدراسة، ولم يصلوا إلى ربع ما وصل اليه زملاء لهم انصرفوا للعمل التجاري.
ولكن ما يحز في النفس، ان البعض يدعي انه رجل اعمال، أو هكذا مسجل في جواز السفر أو بطاقته، ولكنه «لم يطل من الجمل اذنه» فكل ما يملكه هو رخصة وسجل تجاري، ومكتب وسكرتيرة وهندي يجيد الترجمة إلى العربية. وسيارة رجل الاعمال بالاقساط وايجار المحل غير مدفوع منذ سنة، ورواتب الموظفين غير مدفوعة، ويعتمدون على السلف حتى يفرج الله على رب العمل..
كثيرون يعتقدون ان التجارة مهنة من لا مهنة له، ويغامرون بما ادخروه من اموال، ومن ثم يعلنون افلاسهم بعد اول هزة مالية يتعرضون لها.
فرجل الاعمال، وهو من تصنعه الأيام والليالي والسهر الطويل، والمغامرة، تقوده اليها موهبة اكتسبها بالفطرة أو من أيامه أو اعماقه، وهي كما الكتابة، والشعر، هما ايضا ينضويان تحت الموهبة فلا يمكن لتاجر ان يكون كاتبا اذا لم تكن لديه هذه الموهبة، ولا يمكن لكاتب ان يكون تاجرا اذا لم تكن لديه الموهبة اياها..
فللذين يتهافتون على الاسهم ليصبحوا رجال اعمال، نقول لهم احذروا فإن فن التعامل في البورصة يحتاج إلى فطنة رجل اعمال، والى موهبة تاجر والى رأسمال غير مغامر..
قديما قالوا اعط الخبز لخبازه حتى لو اكل نصفه.. فلا تغامروا بما لديكم من مدخرات اذا لم تفهموا لعبة رجال الاعمال في جمع الاموال.. ولا بأس ان تضعوا اموالكم مع «خباز» يعرف اين يضع الرغيف داخل الفرن حتى لا يحترق.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
23/05/2017
1364