+ A
A -
كل ما تستفيده إسرائيل من قمم الرياض، تتحمل ايران مسؤوليته، فهي التي توغلت وتوسعت وصدرت الثورات المتخلفة وأنشأت الميليشيات، وقدمت بالتالي المبرر المنطقي والطبيعي للسعودية والولايات المتحدة لإنشاء تحالف تاريخي جديد غير مسبوق في العلاقات بين الامم.
وإذا كنا نتوقع منذ اللحظة الاولى التي انقلبت فيها ادارة ترامب على «عقيدة اوباما» الداعمة لايران والشيعة ضد العرب والسنة، ان تقاربا لا سابقة له قادم لا محالة بين الرياض وواشنطن، فإن ما فاجأنا هو ذلك التصميم السعودي على رفض الحوار مع طهران وتعهد محمد بن سلمان بنقل المعركة الى الاراضي الايرانية، وإلا فإن ايران ستنقلها حتما الى السعودية للسيطرة على مكة والمدينة.
وتتعززقناعتي ساعة بعد ساعة منذ اطلاعي على نتائج القمم الثلاث التي عقدت برئاسة سلمان وترامب، بأن التوازنات والمعادلات الاقليمية والدولية دخلت مرحلة التغيير الجذري، بما في ذلك التقريب الاميركي بين العرب واسرائيل، وبروز السعودية كقائد للأمتين العربية والاسلامية.
وكما هي الآثار الجانبية الضارة لكل دواء، فإن الفائدة الاسرائيلية الاهم هي تخليصها من خلال ترامب، من تهمة الارهاب والعنصرية، مقابل ما يقال انه وعد تلقاه الرئيس الاميركي من يهود فلسطين والعالم بوضع القضية على طريق الحل هذه المرة، دون اللجوء الى المماطلة والتملص من استحقاقاتها كالعادة.
لا نعلم مدى صدقية ما يتردد، ولكن الساعات القليلة القادمة كفيلة بتوضيح ذلك، وأيضا توضيح حقيقة نوايا ترامب الذي تعهد في الأيام الاخيرة بمنح الفلسطينيين حق تقرير المصير، وإصراره على فرض حل الدولتين، رغم تضاؤل الفرص.
وفي كل الاحوال فقد رسمت ادارة ترامب من الرياض خريطة طريق للعالم الجديد الذي بدأ بالتشكل، والتي قسم الرئيس الاميركي العالم بموجبها الى اخيار وأشرار، شاطبا إرث اوباما، ومعتبرا هو وخمسة وخمسون ممثلا لدول عربية وإسلامية التقاهم في الرياض، ايران رأسا منظما للإرهاب العالمي.
وفيما تجسدت إيران في خطابات عشرات الرؤساء ارهابية الفكر منذ قدوم الخميني عام 1979، فقد ساواها المتحدثون في القمم، مع القاعدة وداعش وطالبان وحملوها مسؤولية زعزعة الاستقرار والامن في الشرق الاوسط والخليج.
حَمَتْ السعودية دون شك، العالم العربي من التغول الايراني وأنقذته من خضوع محتمل لنفوذ إيراني كان سيكبر ويتضخم في المنطقة لولا الاجراءات السعودية - الاميركية التحالفية طويلة الأمد.
اما إدارة ترامب فقادرة على تأمين المزيد من الشعبية على خلفية الانتفاع المالي والاستثماري الضخم المترتب على 34 اتفاقا وقعت مع الملك سلمان بقيمة تقارب 400 مليار دولار، تؤمن مئات الآلاف من الوظائف في الولايات المتحدة والسعودية، لتشغيل مشاريع عملاقة لسنين قادمة.
ومن المهم الإشارة الى ان ما جرى في السعودية غطى تماما على «التحقيقات الروسية» وقضية مدير الإف. بي. آي. كما تم التخلي عن خطوات كان البعض قد أثارها بشأ.ن السعي الى عزل ترامب من الرئاسة بتهمة اساءته للمصالح الاميركية، لكنه فعل في الاسبوع الاخير ما لن يفسره المواطنون سوى انه خدمة لتلك المصالح.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
23/05/2017
1145