+ A
A -
الناس تكون ودودة ولطيفة وهادئة لو أنها تطل على عالمها من خلال قراءة الكتب الأدبية، بعكس الذين يلتصقون بشاشات التليفزيون، فانهم يكونون اكثر ميلا للتطرف والخشونة، هذا ما تحدث عنه تقرير نشرته صحف ومواقع عربية ومترجم عن صحيفة بريطانية، وهو ما توقفت عنده طويلا، كونه يربط شيوع التطرف والغلو وكل من الارتهان لثقافة الصورة التليفزيوية من جهة، والعزوف المستمر والمتزايد عن قراءة الأدب من جهة أخرى، وكأن احد وسائط ردع ظاهرة التطرف هي اعادة القراءة الأدبية إلى سابق عهدها من الاهتمام والانتشار، طالما ان قراءة الأدب قرص «مضاد حيوي» يقي ويشفي من التطرف والأرعنة والغلو، احد اخطر الظواهر في زمننا الراهن، وطالما ان قراءة الأدب تربي على المودة للناس والوداعة والهدوء النفسي.
جعلني ذلك أجول بالبصر في واقعنا العربي الأدبي، وايضا جعلني ذلك اكتب لناقد أدبي صديق «الاستاذ باسم توفيق» نقرأ له بعض ما يكتبه حول مشاهير وعمالقة الأدب والفن التشكيلي، لأقول له فيما كتبت: ارجو ان تدرس اقتراحي التالي بعناية، اذ تذكرني كتاباتك بسلسلة: «كتابي» التي كان يصدرها في منتصف القرن الفائت - فيما أذكر- الكاتب الرائع حلمي مراد، وهي سلسلة متخصصة في نشر الأعمال الأدبية الخالدة التي اثرت في التاريخ البشري، وقدمت هذه المجلة الأدبية العديد من الملفات والموضوعات التي عرفتنا بأساطين الفكر والأدب باجناسه المختلفة في اوروبا، ومنذ عصر النهضة، فلماذا لا تفكر جديا في اصدار مجلة بهذا العيار، تعتمد على تقديم ملفات ودراسات وبحوث حول قمم الأدب الاوروبي والأميركي اللاتيني، بل وحتى الأدباء الاسيويون العظماء في تركيا والهند واليابان، خاصة واننا نعيش عالما عربيا صار يعاني من عطش أدبي، بعد توقف مجلة الاداب البيروتية عن الصدور والتي كان يصدرها الرائع الراحل سهيل ادريس، وبعد افول زمن مجلّتي: (المقتطف) و(الهلال).، حيث كانت (المقتطف) قد أنشأها يعقوب صرّوف، في بيروت، ثمّ انتقل بها إلى القاهرة، وكانت (الهلال) قد أنشأها جرجي زيدان في القاهرة ولا تزال الهلال تصدر حتى اليوم، ولكنها لم تعد بمثل ما كانت عليه بزمنها الاول، لماذا لا يكون باسم توفيق صاحب مجلة تكون بهوية «كتابي» وتكون على نهجها في عمقها وشمولها وعرضها الجذاب، بل وحتى في قطعها الصغير، وتجمع ما في «كتابي» و«المقتطف» و«الكرمل» الفلسطينية، وسألته ان يفكر في هذا المشروع فانه اهل له، وتفتقر اليه الساحة الأدبية المصرية والعربية.
وفي واقع الأمر ان قراءة الكتب، وبحسب باحثين ودراسات، تتيح للناس رؤية الأشياء من وجهات نظر الآخرين، وهو الأمر الذي يجعلهم أفضل في فهمهم للآخرين، ولكن عادة القراءة للاسف الشديد إلى اضمحلال، ولهذا ربما تندم البشرية لاحقا، أنها وفرت كل عوامل العزوف عن القراءة، لصالح الاهتمام بثقافة التلفاز.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
23/05/2017
1620