+ A
A -
لا يعكس التسلح السعودي عالي الكلفة، وإنفاق مئات المليارات على المعدات العسكرية والبنى الاقتصادية والصحية وغيرها الكثير، افتقارا الى حسن التدبير او تبذيرا مبالغا فيه، كما يحلو للبعض ان يزعم، فهذه المبالغ التي لم نسمع بمثلها من قبل، هي اوضح دليل ليس فقط على حجم القلق الذي تشعر فيه الرياض والعرب عموما جراء الخطر الايراني المهول، ولكن على مدى الجدية والتصميم على إفشال المخطط التوسعي الايراني مهما كانت التكاليف.
ما يثير الدهشة ان المعجبين بإيران وحزب الله، رغم تناقصهم باستمرار، ما زالت تدور في رؤوسهم افكار قديمة احترقت وانفضحت مع اندلاع كارثة «الربيع العربي»، تلك الكارثة التي تعمقت منذ انتفض الشعب السوري على الاقلية العلوية الحاكمة، وقوبل احتجاجه السلمي بالطائرات والدبابات.
فكيف بالله عليكم تجدون المبرر للنشاط الهدام الذي تقوده طهران في الشرق الاوسط والخليج بمساعدة الحرس الثوري وعشرات الميليشيات الارهابية الشيعية التي احتلت اراضي وسيطرت على دول وتوغلت وأجرت تغييرات جغرافية وديمغرافية؟
كيف تقبلون ما يجري او ربما تنكرون حدوثه او قد تضعونه في مربع نجدة المستضعفين، تلك الاكذوبة الساقطة التي يرددها حكم ديني تعسفي يدّعي عشق القدس وفلسطين؟ لقد وُجهت هذه الفرية المفضوحة الى الجمهور العربي «نظرا لسهولة اللعب بعقول الأعداء المتخلفين من عرب وسنة مقارنة بعرق فارسي اكثر علما ومذهب جعفري اعلى مرتبة!».
لا بد من تذكير كل ناسٍ او متناس، ان الشحن الطائفي والمذهبي لم يكن اساسه سُنيا، بل نشأ على خلفية تمرد الاقلية الشيعية على ما زعمت انه اضطهاد الاغلبية السُنية لها على مدى العصور. نقول ذلك رغم قناعتنا باستحالة الحوار اذا جرى في ظل الاصرار على العدوان والتوسع، مصحوبين بانعدام التوازن والتكافؤ.
غير ان النجاح في استجلاب الولايات المتحدة الى مشروع تكاملي مع السعودية مدعومة بالعرب جميعا، هو البديل لسقوطهم في الحضن الايراني ومعاملتهم كما تعامَل عربستان المسروقة وأهلها العرب المنتمون الى بني تميم وبني كعب وآل كثير وبني طرف وبني حميد وغيرها، ممن نصبت لهم المشانق وقمعت ثوراتهم كما قمعت موسكو ثورات الشيشان ودمرت العاصمة غروزني.
وهكذا ايضا كان مصير حماة التي دمرها حافظ الاسد وقتل عشرين ألفا من سكانها عام 1982، قبل ان يتفوق الابن على ابيه ويحطم كل سوريا ويقتل ويشرد الملايين منذ عام 2011. وبصراحة لديّ القناعة الكاملة بأننا سنعيش كالعبيد لو قدر للامبراطورية الايرانية ان تقوم لا سمح الله، او ان يحكمنا ضلع من اضلاع المحور الشرير.
وإذا علمنا ان قيمة 34 اتفاقا بين واشنطن والرياض تغطي كل شيء من بناء الجيوش الى الطاقة والتعدين والنقل والبناء والشراكة العسكرية والامنية، تصل الى 380 مليار دولار، ندرك عمق التشابك التحالفي غير القابل للفكفكة، واضطرار طهران بعد الصحوة من الصدمة، الى التراجع التدريجي عن استخدام القوة بغرض التوسع.
لذلك كان منطقيا طلب تيلرسون من الرئيس روحاني ان يستهل عهده الجديد في تفكيك الشبكة الارهابية الايرانية ووقف تمويلها وإنهاء محاولات زعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط والخليج. وهذا بالضبط ما يمهد لحوار.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
22/05/2017
1596