+ A
A -
أثبتت الشهور الاربعة الاولى من رئاسته، ان دونالد ترامب ليس مختلا ولا غبيا، ولا حتى متهورا، لكنه بالتأكيد اول دكتاتور اميركي غير معلن رسميا. لم لا يكون ونحن محاطون بالطغاة من كل صوب، خصوصا في اقليمنا الذي يتقرر مصيره في هذه اللحظات؟
فمن هذه الجهة بوتين، ومن تلك علي خامنئي، ومن على جنبيهما يطل طاغية لدغ شعبه لدغة الموت، ويحدثنا اليوم عن العروبة وعودة الوعي! وها هو نتانياهو يجهز على ديمقراطية اسرائيل المقتصرة على اليهود ويتحول الى حاكم مستبد بهم وليس بالفلسطينيين فحسب.
تموت الحرة ولا تأكل بثدييها، لكن المستبدون يأكلون في صحون مذهبة دون ان يرف لهم رمش ضمير او تؤثر فيهم شهقة طفل يلفظ انفاسه الكيماوية. تموت الحرة ويموت الحر وتُجرَف المنطقة مذهبيا وعرقيا بمعاول الارهابيين المتخفين تحت عباءات سوداء ويتحدثون بلغة التراحم والمظلومية وقلوبهم اشد صلابة من تلك التي حطها السيل من علٍ.
غير أن الدكتاتور الاميركي فاجأنا بميل ما كان متوقعا نحو حقوق المستضعفين، ربما لأنه لم ينشأ في دهاليز المخابرات او قصور الاسر الحاكمة كبوش وكلينتون الذين عاثوا تآمرا وفسادا وعبثا بمقدرات الشعوب وحقوقها.
قد يكون العالم على حافة ثورة كبرى اساء الربيع العربي التعبير عنها، ولكن يجدر بنا ان نراقب مسلك ترامب الملياردير الذي يتعلم السياسة بسرعة قياسية، والذي اخذ العبر من صفقاته التجارية التي علمته التقيد بالعقود والحقوق والواجبات المترتبة عليها.
وإذا كان ترامب قد ضرب اسرائيل بحجر ثقيل عندما اعلن فلسطينية حائط البراق، معلنا عن إرجاء البت في قضية نقل السفارة، وداعيا الى منح الفلسطينيين حق تقرير المصير، فإن قدمه ستطأ فلسطين في 22 الجاري وألْسِنةُ صناع القرار في القدس المحتلة معقودة جراء الدهشة وعدم التصديق، ذلك أن ما سيفعله بعد هذه المواقف لم يعد مهما، على اي حال.
الصفعة كانت قوية في كلا الاتجاهين: اسرائيل وإيران اللتين تعتبران الاهم في جدول اعماله الاقليمي. ولعل اوضح ما يميز موقف ترامب، إصراره على كبح جماح ايران ولجمها وإجبارها على وقف توسعها السياسي والجغرافي الاحتلالي في أراض عربية شاسعة.
هذا المسلك الذي يشكر عليه ترامب، ينم عن فهم للمعادلات الدولية والاقليمية، وضرورة تصحيحها وشطب «عقيدة اوباما» سيئة الذكر التي زودت ايران بأجنحة التوسع والغطرسة، ولكن الى حين.
وقد ادخل سلمان الأنصاري مؤسس لجنة العلاقات العامة السعودية - الاميركية «سابراك» المسرة الى نفوسنا عندما قال ان زيارة ترامب للرياض اليوم سينجم عنها اتفاقات تقلّم أظافر طهران، بعد ان تمكن الأمير محمد بن سلمان من تغيير الصورة الذهنية لدى ترامب بشأن السعودية ومواقفها، ما حفزه على بدء جولته بها، تكريما لها، وموافقا على تزويدها بأسلحة متطورة بمئات المليارات.
وكما أفادت تقارير نشرت في الرياض وواشنطن، نشهد خلال زيارة الرئيس الاميركي، زخما في العلاقة الأمنية والعسكرية، وتوقيع اتفاقيات سياسية واقتصادية واستخبارية وتسليحية تعيد التوازن الى خريطة الاعتدال في المنطقة والعالم، بعد العبث بها وبجغرافيتها وديمغرافيتها من قبل نظام ايران المتطرف الذي نشر الفتن الطائفية والعرقية في المنطقة بهدف زعزعة استقرارها وإضعافها، وتحريض سكانها الشيعة على الثورة ضد حكام المنطقة.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
19/05/2017
1265