+ A
A -
ليس هناك شيء اسمه حائط مبكى، هناك فقط حائط براق إسلامي فلسطيني. عندما قالت «اليونسكو» عبارتها الشهيرة تلك في 18 اكتوبر من عام «2016»، مضيفة أن الأقصى وبراقه مقدسات إسلامية خالصة ولا علاقة لليهود بها، «عاقبت» حكومة نتانياهو هذه المؤسسة الدولية المحترمة بتعليق أنشطتها في فلسطين تعبيراً عن رفضها قرار المؤسسة التي لم تعترف بالتغييرات التي ألحقها الاحتلال بالقدس المحتلة ومقدساتها.
وعلى ضوء ذلك، نطرح السؤال التالي: ما دامت الدولة الغاصبة قد عاقبت اليونسكو لأنها قالت الحقيقة، فلماذا لا تجرؤ على معاقبة الولايات المتحدة التي قالت ما قالته تلك المؤسسة التراثية؟
ولكن نستطيع القول، إن تأكيد مسؤولين من البيت الأبيض فلسطينية البراق يمثل «خازوقاً مبرشماً» أصاب دولة العصيان في صميم شرورها، وشكل أهم دليل على أن إسرائيل لن ترتاح مادامت موجودة، وأنها لن تنعم مطلقاً بالشرعية أو السيادة الحقيقية على فلسطين.
هذا الموقف الصادم لنتانياهو لم يصدر عن ترامب ذاته أو عبر بيان رسمي، لكنه مورس على أرض الواقع خلال مناقشة طاقم القنصلية الأميركية في القدس ترتيبات زيارة ترامب لحائط البراق في 22 الجاري. فقد قال نائب رئيس موظفي البيت الأبيض المسؤول عن الترتيبات، لمحاوريه اليهود: «بالنسبة لي وللإدارة الأميركية، فإن حائط البراق يقع ضمن الأراضي الفلسطينية وليس الإسرائيلية، وعليه فلا سلطة لإسرائيل على الحائط».
لا نريد هنا أن نذكر المسؤول الأميركي «جو هيغيين» بأن ما يسري على البراق يسري حقيقة على كل فلسطين، فهو يعرف ذلك حتماً، ويعرف أيضاً أن ادعاء الصهاينة بأن حائط البراق الذي يسمونه المبكى أقدس موقع لليهود في العالم، هو كلام فارغ ومفبرك، حيث لا مبكى هناك ولا هيكل ولا دليل تاريخياً اطلاقا على أن لإسرائيل أي علاقة بالقدس.
وزاد غضب الإسرائيليين عندما نبهت القنصلية الأميركية حكومتهم إلى عدم التدخل في تفاصيل زيارة ترامب للبراق، ورغبته في أن تكون الزيارة «خاصة» ودون مرافقة أي مسؤول إسرائيلي، أو تصوير هذا النشاط إعلامياً.
وإذا أضفنا إلى ذلك إعلان واشنطن تأجيل البت في مسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس ستة شهور كما كان يفعل الرؤساء السابقون، ومطالبة ترامب بحق تقرير المصير للفلسطينيين، فأن هذين الأمرين يشكلان برهاناً قاطعاً على المصاعب التي تواجه إسرائيل في مسار شائك وملغوم لن يؤدي أبداً إلى إقرار وجودها كدولة شرعية.
هذه الشرعية تصبح كل يوم أكثر استحالة، خاصة بعد أن اغتال نتانياهو الديمقراطية الإسرائيلية المحلية واستبدلها بدولة استبدادية نتتهج أسلوب الأبارتيد بصورة رسمية.
لا يهمنا ما يقوله ترامب بعد ذلك، أو ما سيعدله أو يشطبه، فما جرى قبل أن يطأ أرض فلسطين، يكفي ويزيد.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
18/05/2017
1146