+ A
A -
لم أَشْغَلْ نفسي كثيرا بفوز الثلاثيني الأربعيني إيمانويل ماكرون رئاسيا بقدر ما شَغَلَتْنِي العظيمة التي وراءه بريجيت ترونيو زوجته الستينية التي أثبتَتْ للجميع بأن الحُبّ لا يُقاس بالعمر، ولا النجاح الذي هو ثمرة الحُبّ يَشترط أن تَكون هناك شابة تَصنع بطموحها المتفجر ما حَقَّقَتْهُ بريجيت على أرض الواقع بفضل إيمانها بقدرات زوجها وثقتها هي بهذه القدرات واعتداده هو (إيمانويل) بثقة مَنْ تَثِقُ به (زوجته)..
الشباب شباب الروح، والحُبُّ الحقيقي شجرةُ آس عُودُها رَطْب لا يَبَاس. الحُبّ قميص أخضر تلبَسه الطبيعة الإنسانية، وكان الحُبّ المتبادَل بين بريجيت وإيمانويل حُلّة ربيع لا يَنقضي فَصلُه ويَعِدُ بالكثير من الجَني على امتداد موسم القُطوف.
أكثر ما وَقَفْتُ عنده في مشهد تتويج ماكرون رئيسا لفرنسا هو حجم الصدق وأبعاد ثقافة الاعتراف مما تَخَلَّلَ القُبلةَ التي طَبَعَتْها بريجيت على يَد زوجها الرئيس وهي تُبارك بطريقتها وبحنانها المنْتَظَر مُعَبِّرَةً عن كامل رضاها عن أداء ماكرون، إنه الرضى عن أداء الزوج، ذاك الرِّضى الذي نَجِدُ زوجات كثيرات يُسْقِطْنَ من حساباتهن الاعترافَ به..
مَن يُصَدِّق أن الْمُعَلِّمَة الأولى (بريجيت) تُؤْمِن بكفاءة الطالب النابغة الذي أَذْهَلَ مُعَلِّمِيه بتفوقه، وأن هذا الإيمان نفسه يَتربَّى عندها إلى أن يَكبر ويَكبر، ومعه يَكبر الحُلم بأن يَصِلَ ماكرون الشاب إلى ما لا يَحلم بأن يَصِلَ إليه مَن يَتجاوزونه عمرا؟!
معظمنا انْتَبَهَ إلى الكثير من الجدل الذي أَثَارَه زواج ماكرون الشاب من بريجيت ذات الأولاد والأحفاد، لكن مَن يَهْتَمُّ بأن تَكون بريجيت هذه نفسها هي مَن وَفَّرَتْ لزوجها الظروفَ الصحية التي يترعرع فيها طموحُه الذي أَضَاءَتْ شُموعُه عندما شَغلَ الشاب الذكي منصبَ وزير الاقتصاد قبل أن تُشْرِقَ له شمسُ المجد فتَقُوده قيادتُه الناجحة إلى قلب الإليزيه ليَكون أصغر رؤساء فرنسا.
سفينةُ النجاح التي صَنَعَتْها بريجيت لا تُعادِلها سفينة، والسِّرّ في دوام الحب بين الزوجين الاستثنائيين في العيون يَعود في رأيي إلى الدِّفء الذي تَغْمر به بريجيت فتى أحلامها.
ماذا نَخْسِرُ لو أَكْبَرْنَا الزوجين المثاليين عِشقهما وإخلاصهما وحَظّهما مما يتبادلانه من إحساس بالأمان ومبادئهما وثقة كُلّ منهما بالآخَر؟!
دَرس آخَر من الدروس التي تُعَلِّمُنا إياها قِصَّةُ نجاح ماكرون هو يَقينُكَ بالمرأة يا رَجُل اليوم.
نَافِذَةُ الرُّوح:
«عُيونهم تَراكَ ما أن يَرَوا حاجتَهم عندكَ».
«النِّفاقُ فَنّ يَجعلُ النَّكِرَةَ قِردا يَقفز ببهلوانية ليُرضيكَ إلى أن تَنتهي مصلحتُه عندك».
«أَحْتاجُ إلى وقتٍ لأراكَ، فأنا أرى بقلبي لا بعينيَّ».
«كُنْ حَكيما كالعصفور وثَمِّنْ حريتَكَ».
«تَغربُ شمس الممثلين خَلْفَ عدسة الكاميرا، ولا تَغربُ شمس الممثلين في الحياة».
«بين قلبين بركانُ عاطفةٍ يُخْرِسُ ألسنةَ نيرانِه..».
«الأشياءُ التي لا تَأتي في وقتِها لا أُرِيدُها أن تَأتي».
بقلم: د. سعاد دَرير
copy short url   نسخ
18/05/2017
3640