+ A
A -
الانطباع السائد لدى الكثير من الناس أن الحب في أيامنا هذه لا يصمد طويلا بعـد الـزواج حتى وإن سبقـت زواجهما عـلاقة حـب لسنوات، وتتحول حـياتهما الزوجية إلى قالب جامد تحده الرتابة والروتين الممل، وأن الحب الذي جمع بين قلبيهما «يفـقـد بريقه» بعـد زواجهما، وهـناك من يعـتقـد أن الزواج «يقـتل» الحب وليس فقط يُفقده بريقه وهـناك من يقول إن الحب الحقيقي يولد بعـد الزواج وليس قـبله ولا يفقد بريقه بعـد الزواج لأنه يزداد قـوة وصلابة يوما بعـد يوم من خلال المعايشة، حتى يصل الذروة عـند سن الشيخوخة بين الطـرفـين، ويخاف كل منهما عـلى الآخـر أكـثر مما هما شباب، لأنهما يبقـيان وحدهما بعـد أن يكبر الأولاد ويذهب كل واحد منهم ليعـيش حياته الخاصة، وينتج ذلك التماسك بين الزوجين الرابطة القوية..
أساطير الحـب والغـرام كثيرة، منها ما هـو حقـيقي ومنها ما هـو من نسج الخيال، ولكن لم يخلد التاريخ قـصة حب حقـيقية كما خلدت قـصة عـشق الأمير الهندوسي «كـورام» والأميرة الفارسية «بانو بـيجوم» اللذين يُعـرفان في التاريخ بأسماء «شاه جهان» و«ممتاز محل».. كان زواج شاه جهان ملك الكون من محبوبته ممتاز محل (عـظيمة القصر) بداية لعلاقة يظللها الإخلاص والتفاني لمدة تسعة عـشر عاما هي عـمر هـذا الزواج بالرغم مما يكتظ بقـصره من حـريم وزوجات أخريات.. ويقال إنه لم يكن يحب أو يهتم بأية واحدة منهن إلا ممتاز محل، وبادلته هي حباً بحب وإخلاصا بإخلاص وكانت ترافقه في كل أسفاره وحـروبه حتى وهي حامل، وتقـف إلى جواره وتسانده في مواجهة كل الأزمات والمؤامرات السياسية وكانت أكثر من يأمن له، لذا كان اعـتماده عـليها كبيراً.. وفي ليلة رحيل «ممتاز محل» وطبقا للمؤرخين، ابيضت لحية شاه جهان بياض الثلج حزنا ًعـلى فـراق حبيبته، وغـرق في الحزن مدة عامين يرفض فـيهما الأكل إلا قليله وأبسطه، ومنع الموسيقى والـرقـص وكل المتع التي كان معـتاداً عـليها حـزنا عـلى زوجـته وحبيبة قـلبه.. وعـندما استطاع الخـروج من عـزلـته التي فـرضها عـلى نفسه حزنا ًعـليها بدأ في تحقـيق الوعـد الذي قـطعه لها، وبدأ في بناء المقـبرة الـتي أذهلت وما زالت تذهـل العالم..
هـذه حكاية حـب حدثت قـبل مئات السنين بين زوجين أخلصا لبعـضهما البعـض بعـد الزواج، واستمر الحب بينهما طويلا ً، ولكن ماذا عـن عـصرنا هـذا هـل يصمد الحب فـيه بعـد الزواج.؟ نعم.. يصمد، وإليكم الدليل..

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
17/05/2017
2538