+ A
A -
ما جرى لحزب الله في المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا، ليس بالبساطة التي سعى نصر الله لإظهارها.. وهو إذ تحدث عن «تفكيك» وحدات الحزب لمواقعه العسكرية على الحدود اللبنانية الشرقية مع سوريا التي اصبحت الآن تحت مسؤولية الدولة، حسب تعبيره، فإن ما حدث بالفعل هو تركيبة من إعادة تموضع وانسحاب يعودان لأسباب سياسية ومالية وعسكرية.
وإذا كانت ميليشيات الحزب قد انهكها الانفاق على كوادرها الموزعين في عدة مدن وبلدات سورية، فإن خسائرها العسكرية التي قدرتها صحيفة «النهار» بأكثر من ثلاثة آلاف قتيل في يناير الماضي بينهم عشرات القياديين، دفعتها الى تقليص عدد المقاتلين حيثما امكن، في ظل قراءة ايرانية متشائمة لما سيحدث في عهد ترامب.
لكن المشكلة لا تعود بجذورها الى التفكيك او اعادة التموضع او الانسحاب الجزئي (الآن)، بل الى اسباب سياسية، اذ يعتبر نصر الله دونالد ترامب العدو الاول للحزب ولإيران وكافة ميليشياتها الشيعية المنتشرة في سوريا والعراق، خاصة ان الرئيس الاميركي يضع داعش والقاعدة وحزب الله والحرس الثوري في ذات السلة الارهابية.
لذلك فقد أراد الحزب ان يستعد لمواجهة ما تنويه واشنطن ضد ايران وحلفائها وعلى رأسهم حزب الله الذي تعتبره، هي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي مجموعة ارهابية. وكما قالت صحيفة «فايننشال تايمز» اللندنية فإن البيت الابيض يدرس إقرار عقوبات جديدة على الحزب وأنصاره الذين «يعيقون عمل القيادة في لبنان» حسب تعبير الصحيفة، في اشارة الى نفوذ نصر الله على الرؤساء الثلاثة في البلاد.
وتضيف الصحيفة المذكورة ان العقوبات المشار اليها هي جزء من استراتيجية اعدتها الولايات المتحدة «لمكافحة ارهاب حزب الله في اطار تعاون وتنسيق دوليين». مجموعة التنسيق هذه كشفت عنها وزارة المالية الاميركية التي قالت انها تضم عشرين دولة اضافة الى جهاز الانتربول.
وقد وصف جنيفر فولر مساعد وزير المالية الاميركي في تصريح له قبل ستة ايام، مجموعة التنسيق بأنها الاطار الامثل لمكافحة الحزب وقطع المساعدات والتمويل عنه، مشيرا الى ان ممثلي الدول العشرين التقوا في الرابع والخامس من هذا الشهر وسيلتقون مجددا في نهاية العام الجاري.
ولعل الهاجس الاكبر الذي يسيطر على قادة حزب الله هو فقدانهم الشراكة في السلطة بلبنان بفعل الضغط المتزايد الذي تقوده ادارة ترامب على مستوى العالم. وفي هذا الاطار قال مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية دان كوتس إن ايران وكافة ميليشياتها تشكل خطرا على الامن الدولي، وإن طهران ارسلت آلاف المقاتلين من الميليشيات العراقية والافغانية والباكستانية الى سوريا والعراق وغيرهما، وأنها دربت عشرة آلاف عنصر منهم وسلحتهم للقتال الى جانب بشار الاسد.
وإذا عدنا الى اعلان نصر الله حول «تفكيك» وحدات الحزب شرقا، فقد اضاف الى ذلك قوله: «الحدود اللبنانية - السورية تشهد تحولا مهما جدا» وأن ذلك هو «نتيجة إخلاء المسلحين من عدة اماكن في سوريا». واضعا هذا التطور في اطار «تضافر جهود الجيش والمقاومة».
غير ان الانسحاب العسكري تم ولو بصورة جزئية وتمهيدية كي يستطيع الحزب المحافظة على وجوده داخل سوريا، ولبنان ايضا، وأن ينجو من العقوبات وينأى بنفسه ولو قليلا عن «الانغماس الارهابي» الكلي في نشاطات ايران العسكرية والأمنية في سوريا، علما بأن طهران هي التي تقدم الى حزب الله كل قرش ينفقه.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
16/05/2017
1152