+ A
A -
تستهويني متابعة تجارب الحب التي تتهشم وينتهي كل من طرفيها إلى طريقه، أو إلى عزلة يتداوى فيها حتى النسيان من تبعات الإخفاق، قبل أن يسترد صاحب التجربة السياق العادي لحياته، ربما لسبب أن الإخفاق في مثل هذه التجربة يشحن صاحبها بحوافز نجاح يخفف بها مرارة الفشل، وهو ما يعدل من قول مأثور دائماً ما يكون في أفواه الناس، وهو: «وراء كل عظيم امرأة»؛ إذ ليس بالضرورة أن يكون دور المرأة إلى جانب هذا العظيم بتعزيزه وإسعاده وشحذ همته وتذليل ما يمكنها تذليله من عقبات، بل يمكن أن يكون دور هذه المرأة منغصاً ومعذباً لحياة الرجل، فحينما يكون العذاب في حياة الرجل امرأة فإنه يسعى إلى تبديد هذا العذاب بالنجاح، وباعتناق سبل التألق والإبداع في الحياة، تماماً، كما فعل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي لا ينسى أنه في حياته امرأة بيضاء كان يحبها حباً كبيراً، ولكنها رفضت الزواج منه مرتين، مما اضطره إلى البحث عن حبيبة أخرى، فكان زواجه من ميشيل أوباما، المرأة السمراء التي وقفت إلى جانبه حتى فوزه بسكنى البيت الأبيض، فناصرته أميركا الإفريقية السوداء، بينما رفضته أميركا البيضاء.
ويقال إنه بعد زواج باراك وميشيل العام 1992، قالت حبيبته البيضاء المدعوة: «جاغر» إنهما توقفا عن رؤية بعضهما البعض، وكان الاتصال مقتصراً على المكالمة الهاتفية.
الذين تطرقوا إلى تجربة أوباما العاطفية السابقة ذكروا أن الرئيس السابق ظل على علاقته بحبيبته البيضاء خلال العام الأول من زواجه بميشيل، ولكن على ما يبدو أن ميشيل نجحت بجدارة أن تأخذه من حبه القديم، وأن تجعله يطوي هذه الصفحة تماماً، لتكون هي الصفحة الجديدة والوحيدة.
ومخطئ من يزعم أن الحب لا يعرف السياسة، فالقول إن السياسيين لا يعرفون الحب تنقصه الكثير من الدقة، فالسياسة لا تصيب قلوب المشتغلين بها بحالة من التكلس أو التحجر كما يشاع عنها، ولكن ما يحدث هو أن القصص العاطفية في حياة الكثير من السياسيين تكون كما الأسرار النووية التي لا تحكى، ولا يصح الحديث عنها، بينما ما يحدث في الواقع، وفي الخفاء، شيء آخر، ولهذا ظل الحب في حياة الرئيس أوباما سراً مطوياً، ولم تتم إماطة اللثام عن قليل من تفاصيله إلا بعد خروجه من البيت الأبيض، وإلا بعد شروعه في كتابة مذكراته، أو تأليفه الكتب حول تجربته في الحياة، هذه التجربة التي نقلته من ابن مهاجر كيني أسود مغمور إلى الرجل الأول في أميركا.
وفي مصر يصف الناس صاحب الحب المبتور الذي انتهى إلى فشل بأنه: «الرجل الذي أحب ولم يطل من أحبها»، ولكن ما تجدر ملاحظته أن عدداً ليس قليلاً من الرؤساء الأميركيين الذين سكنوا البيت الأبيض، هم عشاق فاشلون قبل أن يكونوا سياسيين ناجحين، وأن هذه الظاهرة العاطفية تحتاج إلى تغيير حقيقي وجاد لشروط الترشح لسكنى البيت الأبيض.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
16/05/2017
2002