+ A
A -
ثمة مؤشرات أو فلنقل «بشائر» تَشَقُق في المحور الايراني ذي التوجهات المذهبية، تتجاوز كثيرا ما رشح من تقارير حول قضية تضارب الولاءات تجاه موسكو وطهران داخل سوريا، او تعهد بوتين للغرب بإخراج الحرس الثوري والميليشيات الشيعية الايرانية من ذلك البلد العربي المقسم - في الواقع - بمجرد ان ينشأ وقف اطلاق نار قابل للاستمرار.
ليس هناك اي انفراج ذي قيمة في الصراعات السورية المتداخلة، رغم ان محللين ينظرون باهتمام الى استقبال عادل الجبير لكبير مفاوضي المعارضة السورية رياض حجاب لبحث «المستجدات»، وربما تقديم الدعم.
وإذا كانت النشاطات الارهابية لمؤسسة الحشد الشعبي التي انفقت ايران المليارات لانشائها وضم ستين ميليشيا مذهبية - شيعية حصرا - تحت قيادتها، قد خفّت كثيرا، فإننا نلاحظ ايضا تراجعا في لهجة التباهي والتفاخر التي ينتهجها الإعلام المتشدد المنطلق من مكتب خامنئي، تجاه التوسع الايراني المذهبي والجغرافي والسياسي في العالم العربي، في اطار التجهيز الرسمي لقدوم المهدي المنتظر.
غير ان الشرفين الكبيرين اللذين تجليا في الايام الاخيرة يتعلقان اولا بانتكاسات جدية اصابت مكانة نوري المالكي، السياسي الاشد طائفية وفسادا وإيرانية في العراق، وثانيابمسألة «إعادة تموضع» ميليشيا حزب الله على الحدود اللبنانية - السورية.
نتحدث غدا عن حقيقة ما جرى لحزب الله وأسبابه، أما اليوم، فنرصد بعض التفاصيل التي تمثل ضربة شبه قاصمة لمستقبل نوري المالكي الذي لم يكتف بدورتين ترأس فيهما حكومة موغلة في الطائفية واضطهاد السُنة بتوجيه من خامنئي شخصيا، ويأتي اليوم ساعيا لدورة ثالثة.
قوبل هذا السياسي المتخرج من حزب الدعوة الايراني المتزمت والذي عاش منفيا في طهران عدة سنوات، قوبل بصد مهين عندما رفض كل من المرجع الشيعي الاعلى في العراق علي السيستاني ورئيس التيار الصدري وجيش المهدي مقتدى الصدر، استقباله في مكتبيهما بالنجف قبل يومين.
جاء المالكي الى المدينة المقدسة لدى الشيعة برفقة رئيسيْ الجمهورية والبرلمان وعدد كبير من الوزراء والنواب المحسوبين على ما يسمى «ائتلاف دولة القانون »التابع له، للمشاركة في مؤتمر عشائري يتعلق بالمصالحة المجتمعية. غير ان محاولته الجلوس مع السيستاني والصدر لنيل مباركتهما لمساعيه تولي رئاسة الحكومة مجددا لم تثمر أبدا.
بعض المطلعين عبروا إزاء ذلك عن اعتقادهم بأن القيادة الايرانية هي التي وجهت بضرورة تجاهل المالكي من قبل المراجع الدينية في العراق، وذلك على خلفية التطورات المتسارعة والمتغيرات الخطيرة التي طرأت في اقليم الشرق الاوسط والخليج، وتعهد الولايات المتحدة باحتواء ايران ولجمها، بالتنسيق الامني والعسكري الكامل مع السعودية التي هددت على لسان الأمير محمد بن سلمان بنقل المعركة الى ايران بدل انتظار القوات الايرانية لاحتلال مكة والمدينة.
وبات واضحا ان المالكي الذي يتهم على نطاق واسع بأن أفعاله هي المسؤولة عن غزو داعش واحتلاله اجزاء من العراق، مرفوض بصورة متزايدة من قبل «البيت الشيعي» الذي زادت شروخه، فضلا عن ارتباط سنوات المالكي الثماني بالفساد الذي شارك فيه هو شخصيا وتهريبه وأولاده المليارات الى الخارج، وتجميده اعادة اعمار البلاد وإغراق العراق في ازمات اقتصادية واجتماعية وتحويلها الى ما يشبه ارضا عراقية محتلة من قبل ايران.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
15/05/2017
1509