+ A
A -
لا احد عاقلا يريد اندلاع حرب سعودية - ايرانية مباشرة، لكن التطورات الحالية تقود الى ذلك، كما يبدو. ونحن اذ نأمل ان تكون تلك التطورات مجرد نقلات شطرنجية لا تؤدي الى «كَشْ» هذا او ذاك، فإن تحول حروب الوكالة بين طهران والرياض في كل من دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت، الى حرب مواجهة، سيخلف حتما كما هائلا من الجثث والانقاض لسنين قادمة.
يعلم القادة في العاصمتين، والناس في كل مكان، ان الحرب لا منتصر فيها، فهناك فقط خاسرون، غير ان الانصاف يقتضي الاعتراف بأن طهران هي المسؤولة عن اشعال الصراع الطائفي والعرقي الدائر في الاقليم حاليا، وهي التي ما زالت ترفض الاقرار بأنها تتوسع وتتوغل وبات مطلوبا منها ان تنسحب من الاراضي العربية التي تحتلها، حتى يمكن الدخول معها في حوار.
هي لا تعترف فيما يصدق الجهلة إنكهارها، لكن المتتبع الجاد للأحداث يدرك ان هوس ايران بالسيطرة على العالم الاسلامي لإعداد الارضية اللازمة لقدوم المهدي المنتظر - هكذا يعتقدون - يحجب عن قادتها التفكير المنطقي والعقلاني، خاصة وأن قصة المهدي وشروط قدومه مكتوبة في الدستور الايراني.
هذه النقطة بالذات التي شرحها الأمير محمد بن سلمان بالتفصيل هي التي تمنع ايران من التفاهم مع العالم الاسلامي، وتشجعها على استغلال «الربيع العربي» وحروبه وفوضاه وضعف العرب، للمضي قدما في التوسع والضم والهيمنة الشيعية حتى يسود مذهبها الجعفري الاثني عشري على المسلمين كافة.
نتحدث هنا عن خزعبلات، لكنها خزعبلات دستورية وخزعبلات ترسم السياسة الخارجية لإيران التي يقول لنا مرشدها انه يلتقي المهدي المنتظر كل يوم جمعة للتنسيق والتخطيط للمستقبل.
صدقوني، لم أخترع شيئا من عندي، ولكن عندما قرأت امس ما اعلن في البيت الابيض عن اعتماد السعودية شراء اسلحة اميركية قيمتها 300 مليار دولار ثلثها قبل زيارة ترامب للرياض في 23 الجاري، وثلثاها على مدى 10 سنوات قادمة، أصبت بالذعر لأنني تذكرت ما قاله الأمير محمد بن سلمان قبل ايام لمائة فضائية: «سننقل المعركة الى ايران قبل ان تنقلها هي لأراضينا لأنها تخطط لاحتلال مكة والمدينة والسيطرة على 1.6 مليون مسلم في العالم».
وزاد رعبي وأنا أقرأ مقالا للكاتب الايرلندي المحترم والمؤيد لحقوق الفلسطينيين «باتريك كوكبورن»، قال فيه إن الحرب السعودية - الإيرانية تقترب. كوكبورن الذي التقيته في الكويت ذات يوم، موسوعي عندما يتعلق الأمر بالشرق الاوسط والخليج وله اكثر من عشرة كتب حول فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وإيران.
لذلك أخذت تحذيره على محمل الجد، وعلى محمل الذعر أيضا، وبدأت من الآن اصلي كي لا تقع الحرب المباشرة بين الرياض وطهران والتي يبدو ان ترامب سيشارك فيها من البحر بالصواريخ والطائرات، الى جانب السعودية.
يتحدث كوكبورن في مقاله عن اتفاق الولايات المتحدة والسعودية على التصعيد بشكل مشترك، وعن مخطط لدعم الاقليات الايرانية البلوشية والعربية وغيرها، ويذكرنا بتقرير نشرته المخابرات الالمانية قبل اسابيع تتوقع فيه حربا سعودية - ايرانية، وتم سحبه بسرعة من قبل الخارجية في برلين.
لكن ما توقعته ألمانيا كاشف به الأمير محمد بن سلمان العالم عندما قال ان المعركة ستُنقل الى ايران، وإنْ كان محللون سعوديون قد قالوا ان امكانية التحاور مع ايران ممكنة في حالة واحدة: انسحاب القوات الايرانية وميليشياتها من العالم العربي كخطوة أولى لحوار، وإلا فلا حوار ولا سلام!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
14/05/2017
1870