+ A
A -
إن أردت ان تسعد الآخرين فكن عطوفا.. وإذا أردت أن تسعد نفسك.. فكن عطوفا أيضا، حاول أن تطبق هذه الحكمة أو المقولة المنسوبة «الدلاي لاما» وستدهش من النتيجة، والعطف مرادف للطف، الشخص العطوف لا يمكن أن يكون جلفا وكذلك الشخص اللطيف، لقد حكم على مانون والتي عرفت باسم مدام رولان بالاعدام شنقا عام 1794 وهي صاحبة العبارة الشهيرة «أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك» وكل جريمتها انها كانت إحدى صديقات الملكة ماري انطوانيت، وقبل ان تصعد إلى سلم المقصلة حاول رجل يدعى لاماريش ان يتخطاها لينتهي من عذاب الانتظار المؤلم. فاذا بمدام رولان تمسكه من ثيابه وتزيحه عن طريقها وهي تقول: أنت غير مهذب يالاماريش. فالرجل الفرنسي يجب ألا ينسى قواعد الاتكيت.. تلك القواعد التي تفرض مرور السيدة اولا.!!.. وسجل التاريخ اللحظة الاخيرة في حياة سيدتها الملكة ماري انطوانيت حيث داست في غمرة فزعها الذي حاولت السيطرة عليه وهي تصعد درجات المنصة حيث تنتظرها المشنقة على قدم المكلف باعدامها فبادرت بالاعتذار إلى جلادها دون تفكير: «آسفة يا سيدي تقبل اعتذاري.!..في لحظة الرحيل الابدي لم تقدر مارون ولا ماري ان تكونا فظتين وهما تسمعان الالفاظ النابية التي يتفوه بها المتعطشون لسفك الدماء والذين أتوا للتفرج على موتهما، وفي لحظات الحياة العريضة نقابل أناسا صادمين. يتصرفون بفظاظة وقلة ذوق. يرفعون الضغط. يستفزون الحجر. تخيلوا سيدة اعلامية، وضعوا ألف خط تحت كلمة اعلامية. تفتح نافذة سيارتها لمتسول كهل. تضع يدها في حقيبتها. يتهلل وجه الفقير ويحلم ببضعة ريالات. تخرج كاميرا صغيرة وتلتقط عدة صور. ثم تغلق النافذة وتقود سيارتها وضحكتها الصاخبة تمزق إنسانية العجوز المذهول. تعاتبها صديقتها الجالسة بقربها. ترد: وهل تصدقين أنه فقير، إنه اغنى مني ومنك. سيزداد عدد المتابعين لتغريداتي عندما أنشر هذه الصور!......قد يكون أغنى منها وقد لا يكون. لكن من المؤكد ان أخلاقه غنية وتفوق ما تملكه هي من أخلاق.. فتاة صغيرة لا تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها لا تنادي الخدم الا باسماء الحيوانات. وتخص زميلاتها في المدرسة بأبشع النعوت. وهي مشروع وحش لم ولن تتمكن ثروة العائلة من تدجينه، وحش لن يفرق فيما بعد بين الأم والأب والخدم... لا أجد مبررا مهما حاولت للفظاظة، لخشونة الالفاظ واحتقار الناس. والاستخفاف بمن هم أدنى طبقة. لقد روى سيدنا عبدالله بن عباس عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما اجمعين ان الخليفة عمر نزل ضيفا عند صفوان بن أمية بعد أدائه فريضة الحج. وجاء الخدم يحملون طبقا كبيرا وضعوه في صدر المجلس، واخذ صفوة القوم يقتربون من السفرة لتناول الطعام، في حين تراجع من أتوا به للخلف.. ولفت هذا التصرف الخليفة العادل واستنكر وقوف الخدم بعيدا فبادر بالسؤال:- مالي لا أراهم يأكلون معكم. أترغبون عنهم؟ فرد رجل: لا والله يا أمير المؤمنين ولكننا نستأثر عنهم- أي نؤثر أنفسنا عليهم.وغضب سيدنا عمر من هذه العبارة غضبا شديدا. وقال: ما لقوم يستأثرون على خدمهم، فعل الله بهم وفعل، ثم قال للخدم: اجلسوا فكلوا. وامتثل الخدم وجلسوا يأكلون وسط ذهول علية القوم. وامتنع سيدنا عمرعن الأكل غضبا واستنكارا لأصحاب البيت. كان هذا عمر.. فهل من عمر الآن؟
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
08/05/2017
1426