+ A
A -
يَحتار الواحدُ منا ساعات، لأنه لا يَعرف كيف يَتخذ قرارا تتوقف عليه حياة. مرة أخرى أُجَرِّب ما معنى أن أُصبح رَسْماً ضائعا، فلا أَعرف إذا كنتُ حرفا أضاع النقطةَ التي تُعطيه الهوية، ولا أَعرف إذا كنتُ النقطةَ التي تَجهل في خيمةِ أيِّ حرفٍ سَتُقيم!
قد يَكون أكبر خطإ أن نُصَحِّحَ أخطاء قديمة هَيِّن أَمْرُها بأخطاء جديدة فادحة، ولا مجال للمصالَحة مع أنفسنا إذا عَمِينا عن جِسْرِ القَرار الصائب الذي يَجدر بنا أن نَعْبره في زمن لا يَعيبنا فيه سوى الانحناء له وسَيفه على رقابنا.
فكرة الزوجة الثالثة قد تَكون واحدة من الأفكار المرفوضة عند أكثرهن، دون نقاش، لكنني أَدرس مشروع الزوجة الثالثة لأسباب تَختلف، والغاية واحدة: حِفظ ماء وجه اختياراتي السابقة.
في رأيي لا مانع يَمنع المرأة من أن تَكون زوجة ثالثة شريطة أن تَكون هي الأخيرة في اللائحة. فأكثر شيء يَقتل المرأة هو الغيرة العمياء عندما تَفهم أن الرَّجُلَ ما اختار الجديدةَ إلا لِبُرود الحياة مع القديمة كما يَبرد كوبُ الشاي.
قبل اتخاذ القرارات المصيرية تعودتُ على استشارة من يَكبرني بسنوات قد تبلغ العشرين والثلاثين سنة، فهؤلاء يتوفرون، كما قيل، على المشط الذي تُعطيه الحياة للإنسان بعد أن يَكون قد فَقد شَعرَه، الخِبْرَة، إنها الخِبْرَة.
عندما تَرحلُ الزوجةُ الأولى برِضاها، وتكتفي الثانية بتربية أبناء الأولى لأسباب خارجة عن إرادة الثالثة زاهدةً في زوجٍ مَضى، ما المانع من استساغة الفكرة، لاسيما وأن موضوعَ الإنجاب مجددا قد انتهَتْ تَسويتُه رَفْضاً؟!
تحدَّثْتُ في الأمر بصورة عائمة إلى زميلٍ حميم أَحترم رأيَه رغبةً في الاستفادة من تجربته، فنصحني نصيحة غالية يُعَوَّلُ عليها طالبا لي التوفيق، لكنني تَنَاسَيْتُ أن أقولَ له إن الحياةَ لا تَضَعُ أمامنا الكثيرَ من الاختيارات..
قد نَعْرِف مُقَدَّماً أن الصفقةَ خاسرة، وأن علينا أن نُعيدَ ترتيبَ أوراق العقل، لكننا نتفادى القيامَ بهذه المهمة إيماناً منا بِفَوات أوان الاختيار بالعَقل موازاةً مع ضُعف إيماننا بمَنْطِق القلب. كل ما علينا هو محاولة إنقاذ مَوقِف لا يَقِفُ على قدميه أساسا.
مَرَّات تحتاج أنتَ إلى إعادة ترتيب أفكارك، ومَرَّات أخرى تحتاج إلى إعادة ترتيب مشاعرك، خصوصا حين تَقِفُ عند مفترق الطرق ولا تَعرف إلى أين تُوَجِّهُ عَرَبَةَ مشاعرك التي يَلْتَبِسُ عليها الأمرُ كلما جَفَلَتْ لِصَهيل حِصان العقل..
«قبل أن تُرَتِّبَ شَعرك وملابسك رَتِّبْ مشاعرك، رَتِّبْ أفكارَك، رَتِّبْ كلماتك».
«لا تَجْعَلْ قلبَكَ حَفَّاظَةَ أطفال».
«لا تَأْخُذْ كلماتي على محمل الجدّ دائما، فالكلام الْمُهِمّ تَكتبه العيون».
«كالسيجارة يَنطفئُ الحُبُّ».
بقلم: د. سعاد دَرير
copy short url   نسخ
08/05/2017
4419