+ A
A -
لا يسعى بوتين على الإطلاق لتوريط بلاده في مواجهة مع الولايات المتحدة سواء كانت سياسية أو عسكرية، وهو أذكى من أن يسمح للأمور بأن تفلت من يده.
والواضح أن الرئيس الروسي يفهم اللعبة جيداً ويعرف متى يتحرك ومتى يصمت، وهو قادر أيضاً على إبقاء خطوط اتصاله مع إدارة ترامب، والمحافظة في الوقت ذاته على هيبته وحزمه الموروث من نشأته في المخابرات السوفياتية.
وكجزء من اللعبة الاستراتيجية، عملت روسيا مثلاً على رفع نفوذها لدى إسرائيل، أقرب حلفاء الولايات المتحدة، ففي العالم الفائت وحده، عقد «القيصر» خمسة اجتماعات مع نتانياهو، حيث أكد كلاهما حرصهما على تعميق العلاقات الثنائية.
وتحت وطأة العقوبات المفروضة على روسيا جراء ضمها بالإكراه شبه جزيرة القرم، يتطلع بوتين إلى التكنولوجيا الإسرائيلية لتقدم له ما لم يعد الغرب راغباً في تقديمه. وبالمقابل أبدى الروس استعدادهم للجم إيران ومنع بقائها طويل الأمد في سوريا، استجابة لدوائر إسرائيلية مازالت ترى في طهران عدواً محتملاً، فيما تدرك المخابرات الإسرائيلية رغبة إيران في توتير علاقتها مع العدو الصهيوني كلما أرادت زيادة شعبيتها المتدهورة في العالم العربي.
وإذا كان أغلبية العرب قد تخصلوا من فرية الحرص الإيراني على العمل من أجل استعادة فلسطين، فإن هواجس عسكرية مازالت تراود ضباطاً كباراً في طهران يريدون إشعال حرب محدودة مع «جيش الدفاع»، من خلال حزب الله، كي يظهروا أمام العالم العربي مدافعين مخلصين عن فلسطين، ويشوشوا بالتالي على تلك السمعة المضيئة التي يتمتع بها أردوغان بشأن فلسطين.
بوتين يفهم قواعد هذه اللعبة الخبيثة، أما نتانياهو، خلافاً لما يتردد في العلن، فلا يعارض تدخل روسيا في سوريا لصالح بشار الأسد لأنه يعتبر الأسد خياراً أفضل من دولة أكثر فشلاً تحكمها الفوضى الهائلة، كحال ليبيا بعد مقتل القذافي.
أثبت الرئيس الروسي حنكة ودهاء عندما لم يتعامل بعصبية مع قصف الأميركيين قاعدة الشعيرات التابعة للأسد، كما لم يمانع إطلاقاً أن تشاركه الولايات المتحدة رسم مستقبل سوريا.
كذلك أحرز بوتين تقدماً في العراق، عندما أرسل إلى هناك العام الماضي وفداً يضم مائة مسؤول، لتعزيز العلاقات التجارية والأمنية والعسكرية مع بغداد، في الوقت الذي أقام فيه علاقات ودية وقابلة للاستمرار مع طالبان الأفغانية.
وفي ذات الوقت تحاول موسكو استعادة نفوذها في مصر والاستفادة اقتصادياً في عدة مجالات منها تطوير البنى السياحية المصرية، وحصولها على إذن لتوسيع منطقتها الصناعية في بورسعيد، كما وقعت عقوداً لتزويد القاهرة بأسلحة قيمتها مليار دولار.
لكن على بوتين المتحمس أن يأخذ حذره ويستمع إلى نصيحة وزير الخارجية الأميركية ركس تلرسون الذي قال إن على الرئيس الروسي ألا يجعل نفسه جزءاً من المشكلة في الشرق الأوسط، وأن على من يريد أن يكون نداً لواشنطن، أن يصبح جزءاً من الحل!!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
29/04/2017
1701