+ A
A -
أصبحت الحياة الشخصية للمرشح المستقل الذي ينتمي للوسط إيمانويل ماكرون تثير شهية «الصحافة الاستقصائية» في فرنسا، ذلك أن زوجة ماكرون هي معلمته السابقة، وهي مثله تتحدر من الطبقة الفرنسية المثقفة.
وعكس جميع المرشحين الآخرين قبل صعوده إلى الجولة الثانية حرص ماكرون على عدم إخفاء تفاصيل حياته الخاصة حيث يقوم بحملته برفقة زوجته بريجيت، وهي معلمته السابقة للغة الفرنسية وتكبره بحوالي 24 سنة.
كثيرون في فرنسا نفسها انتقدوا خوض الصحافة الاستقصائية في الحياة الشخصية لهذا المرشح الشاب الذي اقترب كثيراً من قصر الإليزيه إن لم يكن قد أصبح بالفعل قريباً من أن يحمل لقب «السيد الرئيس».
من هذه الزاوية دافعت الصحافة الاستقصائية عن حقها الخوض في تفاصيل «حياة ما خلف الجدران» كما يقول الفرنسيون، للمرشح إيمانويل ماكرون.
لعل من المفارقات أن مفكراً بارزاً كان قد دافع عن «الصحافة الاستقصائية»، ومضى بفكرته إلى حد أنه اعتبر هذا النوع من الصحفيين من «المؤرخين». ذلكم هو الكاتب والمفكر المغربي الأكثر شهرة عبدالله العروي. منذ فترة وضع العروي تعريفاً لافتاً للصحفي. هذا التعريف يقول إن الصحفي هو «مؤرخ اللحظة».
تأملوا هذا التعريف العميق.
إذا سايرنا هذا التعريف الدقيق، سيكون دور الصحفي حتماً، هو نشر أكبر قدر من المعلومات عن «اللحظة الراهنة». وهكذا تصبح حياة الصحفي كلها «لحظة راهنة»، لأن سيل الأخبار لا ينقطع. ويصبح مطلوباً منه رفد المتلقي بأكبر قدر من الأخبار، والمعلومات.
المؤكد أن هناك خمس مراحل يمر منها الخبر(أي المعلومة) حتى يصبح «معرفة» وهو ما يمكن أن نطلق عليها أيضاً «الطوابق الخمسة».
في الطابق الأول يكون الخبر عبارة عن «شائعة». وفي الطابق الثاني يتحول إلى «خبر غير موثق» إذا انعدمت المصادر. هناك ستة مصادر لا بد أن يستند إليها أي «خبر» حتى يصبح «موثقاً»، وهي أولاً المصادر التقليدية (وكالات الأنباء والصحف والإذاعات والقنوات التليفزيونية.. وما إلى ذلك، ثم مصدر محدد بالاسم والصفة، كأن نقول «قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة» وهذا هو المصدر الثاني، والثالث مصدر غير محدد بالاسم أو الصفة لكنه معروف للصحفي الذي كتب الخبر، مثل «قال مصدر في وزارة البيئة والحياة البرية». والمصدر الرابع شاهد أو شهود عيان، والمصدر الخامس، بيان أو وثيقة أو رسالة... والمصدر السادس الصحفي نفسه إذا حضر الحدث).
على سبيل المثال في المباريات الرياضية يصبح الصحفي مصدراً موثوقاً، لأنه كان هناك يتابع المباراة.
وهكذا يصبح «الخبر الموثق» هو الطابق الثالث.
ثم تتحول المعلومات في الطابق الرابع، بعد تراكمها إلى «معرفة». وفي الطابق الخامس تتحول «المعلومة إلى فعل».
اي ان تراكم المعلومات تمنح صاحبها القدرة على فهم وتحليل الواقع، وبعد ذلك توليد الأفكار لتوجيه المجتمع. بعبارة أخرى يتحول الشخص بفضل تراكم المعلومات إلى «مثقف».
وهكذا يتضح أن دور «الصحفي» في التوعية ليس فقط نقل الأخبار، بل توثيقها، والحرص على تدفق أكبر قدر من المعلومات.
المسألة ليس سهلة، لأن هذه العملية، ستضع الصحفي حتماً في مواجهة مع مصادر الأخبار. ذلك أن «مصادر الأخبار» أي مصادر لا ترغب في تدفق الأخبار والمعلومات، وبالتالي تكثر من القيود.
ظني أن الاهتمام ببعض التفاصيل في حياة إيمانويل ماكرون، مجرد «تدافع إعلامي» في حمى الحملة الانتخابية الفرنسية، بعدها سيهتم الفرنسيون بما سيأتي به ماكرون إذ قدر له الوصول إلى قصر الإليزيه.
بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
29/04/2017
2601