+ A
A -
أياً يكن رئيس فرنسا المقبل، فإن تغيرات كبرى قد طالت الحقلين السياسي والحزبي الفرنسي بشكل لم يحدث قط منذ بداية الجمهورية الخامسة.
في الواقع لم يسبق لفرنسا أن شهدت تنافساً انتخابياً مثل ما عرفته هذه السنة، خاصة على المستويات التالية:
- هيمنة الملفات القضائية على مجريات الحملة الانتخابية الرئاسية، خصوصاً مع مرشح حزب الجمهوريون «فرانسوا فيون»، ومرشحة الجبهة الوطنية «ماري لوبين».
- الطابع التشويقي للأحداث وليوميات الحملة ووقائعها، ومتتالية المفاجآت التي لم تتوقف منذ شهور، وتسارعت في الأسابيع الأخيرة.
- سيادة اللايقين والصعوبة الشديدة التي رافقت المتابعين في التكهن بالاسمين اللذين قد يصلان للدور الثاني، بالرغم من حصر نتائج الاستطلاعات التنافس في أربعة مرشحين من داخل مجموعة الأحد عشر مرشحاً رسمياً.
- ضعف النقاش البرنامجي ومواجهة المشاريع والأفكار، مقابل تنامي الخطابات الهوياتية وانتشار أطروحة الترشيح المضاد للسيستم وللمؤسسة المركزية.
- الآثار السلبية لظاهرة الانتخابات التمهيدية، إذ سواء يميناً أو يساراً، تحول هذا الاستحقاق إلى آلة حقيقية لترسيم وتضخيم الخلافات الداخلية، وربما إلى تجميد وظيفة الحزب في العملية الانتخابية.
المؤكد، اليوم، بغض النظر عن هوية القاطن الجديد لقصر الإليزيه، أن تحولات هائلة قد طالت السياسة الفرنسية، مما يمكن إجماله سريعاً في أربعة عناوين كبرى:
- التراجع الكبير لأنصار أوروبا السياسية داخل النخب والطبقة السياسية الفرنسية، خاصة مع «أثر» البريكزيت، وهيمنة فكرة العودة إلى الحدود «الوطنية».
- نهاية التقاطب المؤسس للحياة السياسية طوال الجمهورية الخامسة، بين اليمين واليسار، وبروز قضايا جديدة مهيكلة للمواقف، كما هو الأمر بالنسبة للاختلاف بين مناهضي أوروبا وبين المدافعين عن الفضاء الأوروبي، أو بين المدافعين عن الانفتاح التجاري والمالي وبين أنصار الحمائية والسيادة الاقتصادية.
- انزياح للنقاش من حقل السياسات الاجتماعية إلى حقل القيم والاختيارات الهوياتية (أوروبا، الهجرة، الإسلام)، واختراق التقاطبات الجديدة المنطلقة من هذا الحقل للتوقعات الإيديولوجية التقليدية.
- أتساع دائرة عدم الرضا على النموذج المؤسساتي للجمهورية الخامسة، وتزايد الاقتراحات المطالبة بتجاوز الصيغة الدستورية للعام1958 كما عدلت في 1962.
بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
28/04/2017
2631