+ A
A -
لا تخرج تصريحات بشار الاسد بشأن احتمال ارسال روسيا قوة برية كبيرة الى سوريا اذا لزم الامر، عن تعليمات صدرت اليه من موسكو لاعلان ذلك عبر وكالة انباء «سبوتنيك» الروسية الرسمية، بهدف توجيه انذار الى دونالد ترامب صديق بوتين المفترض، من ارسال قوات اميركية الى سوريا، والعراق ايضا مثلما يعتقد بعض المحللين.
هذه الخطوة التصعيدية من جانب موسكو ليست حتى الآن اكثر من بالون اختبار لنوايا واشنطن التي ما انفكت عن التهديد والوعيد، وخصوصا من قبل جيمس ماتيس وزير الدفاع. اما العمل الاميركي الجدي لاحتواء التوسع الايراني الذي يهم السعودية اكثر من اي شيء آخر، فلم يبدأ بعد بوتيرة عالية وإن كان ترامب قد عاقب طهران بشدة في اول اسبوع من حكمه عندما جربت صاروخا بالستيا ممنوعا اطلاقه حسب نصوص الاتفاق النووي. وربما تكون الادارة الاميركية بطيئة نوعا ما في تفعيل سياسة احتواء إيران بتصميم يفترض ان يكون اشد مما هو عليه الآن.
غير انه لا يمر يوم في هذه الفترة لا يجتمع فيه مسؤولون سعوديون واميركيون لبحث افضل السبل الممكنة لاحتواء التهديد الايراني الذي لا تحتاج واشنطن الى ادلة لاختباره او اختبار الاستفزاز والتدخل الايرانيين في شؤون دول الشرق الاوسط والخليج، والذي وصل الى حد الاحتلال.
وإذا كنا قد لاحظنا، كما لاحظ غيرنا، انكفاء نسبيا في لهجة الوعيد والتهديد الصادرة من طهران، فإن ذلك يُعزى الى قناعة ايرانية بوجود نية جادة لدى الادارة الاميركية بلجم الملالي والمتشددين وتحجيم الاندفاعة الايرانية تجاه سوريا والعراق واليمن ولبنان.
ويأتي ذلك الصمت الايراني غير المسبوق، على خلفية تطورات مثل اجتماع الامير محمد بن نايف ولي العهد السعودي امس الاول مع مبعوث خاص لدونالد ترامب لبحث تعزيز العلاقات الامنية ومحاربة داعش بهدف القضاء عليه، ومثل اعلان ماتيس قبل ساعات ان احياء التحالف القديم مع السعودية وشقيقاتها في مجلس التعاون، هو امر لا بد منه بالنسبة لأي ادارة اميركية عاقلة تخطط لوضع حد للتمدد الايراني، او حتى السعي الى تفعيل التوجهات الممكنة لحل القضية الفلسطينية.
هذا الوعي الاميركي العالي بترابط قضايا المنطقة من جهة، وضرورة لجم الفرس الايراني الجامح، يشي بالتفاتة واضحة من قبل ادارة ترامب بالانفتاح الكامل على العالم العربي المقتنع بلعب دور مركزي الى جانب الاميركيين في اجبار ايران على انهاء تدخلاتها المفضوحة والمعروفة للجميع في شؤون الخليج وإلزامها باحترام حسن الجوار، مع ان التعاون بشأن اسرائيل امر آخر يحتاج الى مقاربات مختلفة.
وإذا كنا نعتبر بدء خبراء اميركيين بإجراء مراجعة شاملة للاتفاق النووي الايراني خطوة ضرورية في مشوار اللجم، فإن منح هؤلاء الخبراء 90 يوما للخروج بتوصياتهم يشير الى الجدية والتأني، قبل الاقدام على تنفيذ ما هو ضروري من تعديلات وربما التخلي عن الاتفاق برمته، اضافة الى نجاح السعودية في ابعاد مصر عن ايران.
فهذه الخطوة جزء من عملية الاحتواء خصوصا على ضوء رفض ترامب وماتيس وتلرسون وزير الخارجية بعض شروط هذا الاتفاق والتي تتناقض مع مصالح الولايات المتحدة الامنية بشكل اكيد.
وإذا كانت واشنطن قد اوضحت عدة مرات مؤخرا نيتها اجبار ايران على اعادة ما سلبته من اراض ونفوذ في اليمن والعراق وسوريا، فإن ماتيس يلفت الانظار الى اليمن بالذات حيث تشجعت اميركا بوصول الصراع هناك الى ما يشبه الحسم، وإن كانت العقلية الميليشوية للحوثيين تحول دون اعلان رضوخهم، وهو ما سيسعى مدير البنتاغون الى تشبثته في المستقبل القريب.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
26/04/2017
2110