+ A
A -
منذ قفزت ايران كالذئب الى الشرق الاوسط العربي السني حين ضعف واهتزت اركانه قبل ست سنوات او سبع، وسُمعتُها وشعبيتها تتراجعان بشكل خطير بين الشعوب العربية الغيورة على هويتها وسيادتها وحقوقها.
كم يؤلمني الاعتراف بأن تدخل ايران المستفز في الشؤون العربية والتعامل مع محيطها الشرق اوسطي والخليجي كما لو انه جزء من الامبراطورية الفارسية، خلط الاوراق ومكّن اسرائيل من استثمار الفوضى الناشئة عن افتعال طهران الصراع المذهبي، لتفعيل الحلم الصهيوني ودق مساميرها في كامل فلسطين، رغم انني وغيري واثقون من تحول المسامير الى نعش اسرائيلي بمجرد التخلص من جنون الفرس وخلع انيابهم المذهبية المغروزة في لحومنا.
واعتقد تماما أن فلسطين المسبية منذ سبعة عقود تستطيع الانتظار فترة اخرى، أما ما تقترفه اليد الايرانية الشريرة من جرائم وعمليات غدر ضربت سكاكينها ظهورنا، فمسألة في غاية الاستعجال تتطلب فكفكة فورية لمشروع طهران التوسعي الاستعماري.
لا يغرنكم ذر آيات الله الرماد في العيون لإيهامنا بأن فلسطين في قلوبهم - وهي ليست هناك مطلقا - وهم الذين يضللون جماهيرهم، وغير المحصنين من ابناء شعبنا، ويستدرجونهم الى دعم ترهاتهم وأحاديثهم المفبركة عن المهدي المنتظر وآلية الولي الفقيه التي تبز الفيتو الاميركي في سلّم الجور والظلم، بمسميات دينية مزعومة.
وعندما دعت واشنطن مجلس الامن قبل ساعات الى اعطاء الاولوية للتهديدات الايرانية، فقد قبلنا الدعوة، لكننا شربنا السم كما شربه الخميني عندما قبل هزيمته على يد بغداد العربية. فنحن ندعم ما يقوله الاميركيون هذه الايام من تحميل الروس والايرانيين مسؤولية دعم الأسد وتحريضه على ارتكاب المجازر ضد المدنيين اذا كان لا بد منها لتحقيق «النصر» الذي لن يأتي أبدا.
ونحن مع حرمان الانقلابيين الحوثيين من التسلح ووقف الشحنات الايرانية المهربة بحرا الى انصارها من اعداء وطنهم اليمني، ونحن ايضا مع ما يعلنه الاميركيون عن ضرورة وقف التوسع الايراني وإنهاء دور طهران في زعزعة استقرار منطقتنا وتدريبها الميليشيات الشيعية الارهابية في العراق وتمويلها حزب الله في لبنان، الى آخر العبث الذي تمارسه وإقلاقها راحة السكان في هذا الجزء من العالم.
وإذ تتفوق إيران على اسرائيل بامتلاك مواهب القمع وسرقة الارض والاصرار على إضعاف العرب خدمة لمطالب الصهيونية، فإنه يسعدنا، بعد ان اقدم بوتين على مغامراته الطائشة والفاشلة في سوريا، أن ينقلب ترامب على سياسة اوباما المتخاذلة والمتواطئة التي شجعت طهران على التمادي، خاصة بعد ان منحها المجتمع الدولي بضغط اميركي اتفاقا نوويا نأمل ان تؤدي مراجعته الشاملة الجارية الآن في واشنطن، الى شطبه وإلغائه من الوجود، بإذن الله.
هذا الاتفاق الذي ادى الى رفع العقوبات مما فتح مخازن المال والاستثمار امام ايران، هو الذي مكنها من إيقاظ احلامها التوسعية والانفاق بسخاء على سوريا وحزب الله وبقية محور الشر.
إيران تخنقنا وتجثم فوق صدورنا، لكننا نأمل الآن بعد التغيرات الاخيرة، ان تتم قصقصة اجنحتها وانتزاعها من ترابنا بمساعدة ترامب او حتى الشيطان نفسه.
اما فلسطين فلها شعب مقاتل منذ ما قبل قيام الدولة الصهيونية، تماما مثلما تتهم مقاتلة سلطة عميلة اقترب تدفيعها الثمن هي الاخرى.. والنضال فيها مستمر ولا يؤجل، لكن الخطر الايراني الداهم يتطلب وقفة الآن وليس غدا خدمة لفلسطين ذاتها أيضا.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
23/04/2017
1572