+ A
A -
ثمة تقارير كثر تداولها في الآونة الأخيرة، حول نية تنظيم الدولة (داعش) تحويل الغرب إلى ساحة انتقام، وتركيز هجماته الإرهابية المستقبلية على مدن الولايات المتحدة وأوروبا، وإعفاء الدول العربية والإسلامية من هذه العمليات، أو تقليصها فيها إلى أكبر حد ممكن.
مثل هذا التفريق يحمل في طياته مقداراً كبيراً من الخُبث، هدفه الأول فتح الباب أمام تقوية التنظيم والثناء عليه لاستهدافه «الصليبيين» في استراتيجيته الجديدة المتوقعه، واستثنائه الدول العربية والإسلامية من شروره.
تذكرت تلك التقارير على ضوء هجمة «الشانزليزيه» في باريس مساء الخميس، التي تبناها داعش وأسندها إلى «أبو يوسف البلجيكي».. وهي العملية الإرهابية التي قتلت شرطياً وجرحت اثنين.
وسواء كانت تلك العملية جزءاً من ذلك التوجه أم لا، فإن هناك ما يشبه الإجماع بين الخبراء والمحليين، على أن داعش وغيره من الجماعات الإرهابية ستضاعف استهدافاتها للمدنيين في الدول الغربية خصوصاً، في مسعى للثأر من الضربات التي تعرَّض لها الدواعش والتي أسفرت عن قتل ستين ألفاً منهم في آخر سنتين حسب تقديرات البنتاغون.
وقد أسفرت حملة التحالف المتصاعدة ضد داعش عن تشديد الخناق على الموصل واقتراب محاصرته الرقة باعتبارهما جناحَيْ دولة الخلافة المزعومة في أراضٍ عراقية وسورية.
غير أن من المهم الإشارة إلى أن الخسائر غير المسبوقة التي تعرَّض لها داعش حتى الآن، وأفقدته كوادر وأراضي وموارد نفطية ومالية، دفعت بعدد هائل من المقاتلين للعودة إلى أوطانهم التي يحملون جوازات سفرها.
وحسب بحث نشرته قبل يومين صحيفة (الواشنطن تايمز)، فقد فر آلاف الدواعش في ساحات المعركة في الموصل والرقة وعادوا بالفعل إلى حوالي 120 دولة غادروها إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم الدولة.
وإذْ ترى الصحيفة أن هذه التطورات تخلق مشكلة خطيرة ومن نوع آخر مختلف، للولايات المتحدة وأوروبا، فإن ما يتعين على الغرب فعله هو وضع خطه ناجحة وواعية حول كيفية احتواء وملاحقة آلاف المقاتلين القادرين على نشر الرعب في كل مكان تقريباً.
الدواعش وعائلاتهم يرحلون بكثافة الآن من سوريا والعراق، وخاصة من الموصل والرقة ومحيطهما، ما يؤكد حدوث هزة تهدد بزوال «دولة الخلافة» في غضون شهور. ومن الملاحظ أن الذراع الإعلامية للتنظيم تدعو عناصره إلى ترك ساحات القتال في الشرق الأوسط والتوجه إلى أماكن أخرى وخاصة شوارع المدن الغربية.
ورغم الاستعدادات التي يتخذها مدراء الأجهزة الأمنية في أميركا وأوروبا للتعامل مع المرحلة الجديدة، تقول (الواشنطن تايمز) إنه ليس لدى البنتاغون بعد خطة لمواجهة المرحلة المقبلة من هذه الحرب.
لا تتوفر أرقام دقيقة عن أعداد الدواعش الذين عادوا إلى بلدانهم جراء تقهقر التنظيم في سوريا والعراق، غير أنهم حتماً بالآلاف، وهم جميعاً مدربون ومجربون ويحملون أفكاراً متطرفة ومؤذية.
ويستنتج البحث أن تبعات ما بعد سقوط «الخلافة» وفقدان الأراضي المسيطر عليها في سوريا والعراق، هي بمثابة أكبر تحد إرهابي يواجه الغرب في العصر الحديث، خاصة مع تواجد أعدادٍ هائلة من اللاجئين، إضافة إلى الخلايا النائمة وسط التجمعات الإسلامية في مدن الغرب.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
22/04/2017
1453