+ A
A -
في الساعات الاخيرة اعطت الادارة الاميركية ما يكفي من المؤشرات الدالة على انغماسها الكامل في الشؤون العراقيةوالسورية واليمنية، مقابل انحسار ايراني قادم بسرعة، ويشمل الدول الثلاث.
الاعلان رسميا في واشنطن عن مراجعة شاملة للاتفاق النووي وفتح مخازن السلاح امام السعودية وحظره عن الحوثيين، لا يخرجان عن تغريدة ترامب الشهيرة: «اميركا اقترفت خطأ فادحا عندما غزت العراق ثم سلمته الى ايران».
هذا بالضبط ما حدث وهذا بالضبط ما يجب استيعابه، لذلك فإن استرجاع العراق بدأ على استحياء منذ ظهرت تلك التغريدة في تويتر، لكنه الآن معلن ولا مجال للعودة الى الوراء.
اميركا انتقلت تماما في اليومين الاخيرين الى المربع «السعودي الخليجي العربي»، ونظفت آخر مخلفات اوباما الذي اخلّ عبثه وجهله وربما تآمره، بالتوازنات الاقليمية والدولية، وقذف بالعالم كله نحو الصراعات والحروب والارهاب والفوضى، ليس فقط لانه وبوش سلّما العراق لإيران، ولكن لأنه منع السلاح عن المعارضة السورية وغض الطرف عن تسليح الحوثيين الانقلابيين، وسعى لحجب اسلحة حديثة عن السعودية، ومعاقبتها عبر قانون «جاستا» سيئ الذكر.
سينبذ التاريخ الرئيس الاميركي السابق كما نبذ قبله جورج بوش الذي بدأ المؤامرة بغزو العراق منذ 13 عاما، غير ان المحرقة التي تعيشها المنطقة دون توقف منذ ست سنوات، معلقة برقبتيهما، بغض النظر عما اذا كانت سياساتهما الكارثية قد نفذت عن جهل او عن عمد وتواطؤ.
وبالرجوع الى اقوال ترامب بشأن العراق، فقد سمعناه يعلن ان لديه حلولا للأزمة هناك بينها خيارات عسكرية، لكن اصراره على تحرير العراق من تبعيته لإيران هو بمثابة هاجس يستحوذ عليه وعبر عنه بالقول ان «سياسة الادارة السابقة تجاه العراق تركت البلد وحيدا ما ادى الى نشوء فراغ استغله الايرانيون وداعش».
ورغم مسارعة طهران منذ فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، الى «شرعنة» مؤسسة الحشد الشعبي الميليشوي الارهابي وتحصينها ضد المساءلة، فإن عين الاميركيين مسلطة على تلك المؤسسة بهدف تفكيكها وإنهاء دورها التخريبي القائم على زعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط والخليج، عدا عن كون ميليشيات الحشد - وهي بالعشرات - ذراع ايران العسكري لأغراض التوسع واحتلال الارض ومد النفوذ المذهبي الفارسي في دول الشرق الاوسط والخليج، تحت غطاء محاربة الميليشيات الشيعية لتنظيم داعش الارهابي هو الآخر.
كل ذلك الآن على سكة النهاية، والشواهد تكثر، ومن بينها تصدي العبادي للمالكي (رجل ايران في العراق) ورفضه ان تسيطر البصمة الايرانية على دولة عربية، ومنها ايضا زيارة الجبير لبغداد التي قوبلت بحفاوة كبيرة من قبل العبادي والجعفري اللذين قاوما ضغوط المالكي لإلغاء اتفاقيات اقتصادية مع الاردن وقعها رئيس الوزراء هاني الملقي في العاصمة العراقية منذ اسابيع.
نفوذ المالكي إذن ينحسر مع انحسار التغلغل الايراني في العراق، والذي يتزامن مع انحسار مماثل لدور طهران في سوريا واليمن، وفي المنطقة عموما، تمهيدا لعودة مأمولة للاستقرار والأمن.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/04/2017
1276