+ A
A -
قلنا بالأمس ان تركيا تمثل القوة 17 اقتصاديا في العالم والقوة 15 عسكريا، بفضل جهود اردوغان وفريقه على مدى 15 عاما. وهي اذا كانت تربط آسيا بأوروبا، فإن موقعها الرمزي التاريخي كقوة عثمانية عظمى بين الدول، فإن هذه كلها ميزات لا تنافسها فيها اي دولة اسلامية في العالم.
هذه المعطيات الاستراتيجية الهامة شاركت في تأطير وتشكيل توجه اردوغان حزبه على مدى سنوات حزب العدالة والتنمية، وهو توجه نقل تركيا الى مصاف اهم الدول الاوروبية سياسيا واقتصاديا، وعسكريا باعتبارها القوة البرية الاولى الضاربة في حلف الاطلسي.
ورغم ان ثمة توقعات في ان ينتهي الصراع والمنافسة مع اوروبا، بانسحاب الاتراك من الناتو، فإن السؤال يدور الآن بعد انتصار أردوغان في استفتاء شعبي منحه صلاحية اجراء صلاحيات دستورية تزيد من سلطته وقوته، حول ما اذا كانت تلك الانجازات ستتواصل بذات الزخم الذي صنع زخما هائلا يحترمه الاتراك، بمن في ذلك معارضو الصلاحيات الرئاسية الجديدة.
المؤكد بعد اجراء عمليات تطهير شاملة لتنظيف البلاد من الانقلابيين وانصارهم في شتى مفاصل الدولة، ان يسهم الاستفتاء في تغيير الديناميات الداخلية التي ستترك آثارا مستدامة على المحيط الجغرافي الكبير الذي يصل تركيا بأواسط آسيا والشرق الاوسط والعالم الاسلامي وأوروبا.
سأدعم تركيا رغم وصف البعض له بأنه أصبح الآن دكتاتورا مرخصا، ذلك ان الذي رخّص هو الشعب مما يجعلنا ننادي بضرورة عدم استفراده بالسلطة ونسيان الـ 48 % الذين لا يقبلون التعديلات الدستورية. ولعلمنا انه اذكى من الوقوع في مثل هذا المطب، فإنه سيمد يده لكل من قال «لا» وسيجتذبه الى اللحمة الوطنية في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها تركيا.
والمؤكد ايضا ان العالم بعد الاستفتاء يختلف عن العالم قبله. واذا كان الغرب الذي وقف مع اتاتورك قبل قرن، مضطرا للرضوخ لنتائج الاستفتاء الآن ومطالبة اردوغان بالتوافق مع رافضي التعديلات على صيغة لإشراكهم في الحكم، فهذا يعني ان الغرب لعب مرتين مع تركيا: مرة مع اتاتورك عندما نقل البلاد الى علمانية لا دينية، ومرة مع اردوغان الذي يجمع العلمانية والاسلام والسلطات الموسعة في سلة واحدة.
لكن «السلطان»، كما يحب البعض تسميته،يواجه سلسلة من المشكلات تبدأ بإرهاب حزب العمال الكردستاني المهدد الآن بوقف اوروبا تعاونها معه بعد إبداء استعدادها للتعاون مع اردوغان الجديد، وتبعات الازمة السورية المستعصية كالحرب على داعش، وأعباء اللجوء والمخاطر الامنية والسياسية المتنوعة، وذيول المحاولة الانقلابية، وإيجاد صيغة لاستيعاب المعارضة.
المطلوب التوضيح ان النظام الرئاسي متبع في 36 دولة على رأسها الولايات المتحدة. وعلى غرار الدولة الاعظم لن يعين اردوغان رئيس وزراء طبقا للتعديلات المطلوبة، وستكون لديه سلطة تعيين الوزراء وفصلهم ورفع اعضاء البرلمان من 550 حتى 600. اما البرلمان فلديه صلاحية الاشراف على اعمال الرئيس وسلطة اصدار المراسيم الرئاسية.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
19/04/2017
2297