+ A
A -
عندما نقول إنه يحق لأردوغان ما لا يحق لغيره، فإنني لا اقول ذلك لأسباب عاطفية او لاغضاب احد، ولكن لأن لدي قناعة مبنية على دوافع وأسس بأن هذا القائد الكاريزمي التركي المؤهل، سند حقيقي للعرب والقدس وفلسطين، ومسلم مستنير أعاد الحضارة الاسلامية الى صدارة الحياة في بلاده، معلنا تمسكه بالقرآن ولغة القرآن ومعطيا الحرية للمرأة بارتداء الحجاب، او عدمه.
ولديّ اعتقاد راسخ بأنه لولا المؤامرات التي تعرضت لها بلاده والعراقيل التي وضعت في طريقه وعلى رأسها محاولة الانقلاب الفاشل التي نفذت العام الماضي والتي ثبت ضلوع مخابرات اوباما فيها، لما اضطر أردوغان لشرب السم والتحالف على مضض مع الخصم الاول والعنيد لاميركا، فلاديمير بوتين.
ولم تكن تلك المحاولة الغادرة هي العقبة الوحيدة، اذ اضطر قبل ذلك بضغوط اميركية واوروبية واطلسية الى تهدئة اندفاعاته المشرفة تجاه الفلسطينيين ووقف احتجاجاته العملية لكسر الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة من خلال تسييره سفن «اسطول الحرية» الذي هاجم العدو احداها مما ادى الى استشهاد عشرة جنود اتراك.
لا مجال هنا للتحدث عن مبادرات ومواقف اردوغان العديدة المؤيدة للقضايا العربية عموما، ولكن لا مفر من تذكُر ذلك «التعنيف» الذي اتخذ شكل تأديب سياسي لرئيس اسرائيل المقبور شمعون بيريز في مؤتمر دافوس، دون ان يجرؤ الاخير على النطق بحرف، وهو الافعى ذات اللسان الناعم والمقترحات السلمية المضللة، وبطل مجزرة قانا اللبنانية.
ليس هذا بيت القصيد، ولكن لا يجوز ان نمر عن مواقف مخلصة كهذه مرور الكرام ونحن نحتفل بالانتصار التاريخي الذي حققه الرئيس التركي وحاز فيه على ثقة الشعب الذي ساند التعديلات الدستورية التي طلبها اردوغان، وإن كان بنسبة كنا نرجو ان تكون اعلى.
غير ان التآمر الغربي تواصل بشتى السبل لإفشال مشروع اردوغان، لأن سقوط الرجل في امتحان شعبي كهذا يعني ان تركيا ستكون في طريقها للتحول الى سوريا جديدة، وما ينعكس من كوارث مضمونة علينا في هذه المنطقة.
ومع هذا فقد رضخ الاتحاد الاوروبي الذي حارب الاستفتاء طويلا، لنتائج التصويت الشعبي وتمنى على انقرة - وهذا عين العقل - ان تبحث عن اوسع توافق ممكن فيما يتعلق بتطبيق التعديلات الدستورية التي لن تصبح نافذة إلا بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتزامنة في 3 نوفمبر 2019.
وشجع القادة الثلاثة الكبار في الاتحاد، الرئيس التركي الذي لا تزال بلاده عضوا في المجلس الاوروبي وعضوا مرشحا في الاتحاد، ان يناقش مع السلطات التركية مخاوف ومقترحات المجلس نظرا للنتائج المتقاربة للاستفتاء الذي منح صلاحيات اردوغان الجديدة 1.3 مليون صوت هو الفارق بين القابلين والرافضين.
وفيما يستعد اردوغان الذي يحكم تركيا هو وحزبه منذ 15 عاما، حقق لها خلالها معجزات اقتصادية لم يحلم بها احد، لفك ارتباطه، او بالاحرى شهر عسله القصير، مع بوتين، لا بد من تذكير القارئ الكريم ان تركيا هي القوة الاقتصادية رقم 17 في العالم والقوة رقم 15 عسكريا وتتمتع بموقع جيوبوليتيكي خطير يتوسط آسيا وأوروبا والشرق الاوسط. ونبحث غدا صلاحيات الرئيس الجديدة والأسباب التي دفعته الى طلبها.
يتبع غدا

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
18/04/2017
2219