+ A
A -
لأنه لا يتوفر دليل على أن الذي أتى بمصاب إلى المستشفى بعدما رآه ملقى على الأرض بسبب تعرضه لحادث دهس أنه ليس هو من دهسه لذا فإن الشكوك تظل محيطة به من قبل المعنيين، فقد يكون هو الذي قام بعملية الدهس. الوضع يكون أصعب لو أن الشخص الذي قام بنقله إلى المستشفى فارق الحياة، ففي هذه الحالة تخلو الساحة من أي شهود، فلا أحد يعرف غير الله سبحانه وتعالى أن من أتى بالمصاب إلى المستشفى صادق أم كاذب.
وبسبب المآزق من هذا النوع والتي قد يجد المرء نفسه معها وقد تحول إلى متهم بجريمة قتل فتنقلب حياته رأسا على عقب، لذا فإن الغالبية العظمى من الناس يمتنعون عن نقل المصاب لو لم يكن يتوفر في المشهد من يشهد في صالحهم ويقول الحقيقة وينقذهم لو تم توجيه التهمة إليهم بالتورط في الحادث. الإشكالية هنا أن المصاب قد يموت بسبب تأخر نقله إلى المستشفى.
إشكالية أخرى تسترعي الانتباه ملخصها أن تحريك المصاب في حادث من قبل شخص غير ملم بكيفية التعامل مع مثل هذه الحالات قد يؤدي إلى حصول مضاعفات تزيد من معاناة المصاب، لذا فإن المعنيين يسعون باستمرار إلى نشر هذه المعلومة ويطلبون من الشخص الذي تدفعه إنسانيته ومروءته إلى حمل المصاب ونقله إلى المستشفى ألا يقوم بهذا العمل بل ألا يحرك المصاب وأن يكتفي بالاتصال بالإسعاف.
الإشكالية الأكبر هي في تأخر وصول سيارة الإسعاف بسبب الروتين أو زحمة الشوارع أو – كما حدث في مرات عديدة في العديد من الدول – تعرضها لحادث وهي قادمة إلى المكان الذي يتواجد فيه المصاب.
كل هذه الإشكاليات مهمة، لكنها لا تشغل حيزا من مناقشة المعنيين بالأمر، لهذا فإن البعض الذي يقرر لسبب أو لآخر نقل المصاب من مكان الحادث إلى المستشفى يجد نفسه قد صار متهما، سواء في حالة وفاة المصاب أو تعرضه لمضاعفات بسبب النقل غير الصحيح، ولهذا فإن بعضا كثيرا من الناس يؤثرون السلامة ويقررون عدم نقل المصاب في كل الحالات بل حتى عدم التوقف ومحاولة الإنقاذ.
كغيري سمعت قصصا كثيرة عن أناس دفعتهم إنسانيتهم وعواطفهم إلى نقل مصابين من الشوارع لكنهم تحولوا بين لحظة وضحاها إلى متهمين وأودعوا السجون، وسمعت عن أناس تورطوا في حوادث وادعوا أنهم إنما قاموا فقط بمحاولة إسعاف المصابين.
القانون في هذا الخصوص واضح وتعليمات المعنيين أيضا واضحة، لكن الإشكاليات تظل على حالها. طبعا المسألة تزداد تعقيدا في حالة قيام الشخص بمحاولة إنعاش المصاب بعمل تدليك لقلبه، سواء كان يفتقر للخبرة في هذا المجال أو يمتلكها ولكنه لا يمتلك تصريحا رسميا للقيام بذلك، فإن فعل ولم يوفق أو حدثت مضاعفات للمصاب تورط، وإن لم يفعل يكون قد تسبب في وفاة شخص لاكتفائه بالفرجة.
لست أمتلك المخرج ولكن الموضوع يفرض نفسه ويستدعي النقاش والقرار.

بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
18/04/2017
2831