+ A
A -
البداية:
«أحبب فإنك مفارق»
متن
كانت ليلة شتاء باردة..
الجو ممطر والطريق مزدحم،
في طريقي لتوجيب دعوة عرس أحد المعارف
وفي قاعة الحفل
أتسلل لطاولة القهوة لتضبط إيقاع مزاجيتي، أصافح الأصدقاء والمعارف ومن تشاء الصدف أن تجمعنا بهم.
أتنفس المكان وأتجول بوجوه الحضور وأتصفحهم حتى جلس بجانبي
صديق قديم مر وقت طويل لم نلتق
وبعد سلام بارد ومصافحة خالية من المشاعر،
بدأنا بالسؤال عن الحال وقائمة الترحاب الروتينية التي نحفظها ونكررها في كل مرة وإن كنّا لا نعنيها، حاولنا المرور لموضوع نتحدث به وأفكار مشتركة بيننا فسُدّت كل الطرق فاكتفينا بابتسامة باهتة ومضى كل منا في حاله.. ثم.. انتهى اللقاء.
من هو؟
هو صديقي الذي طالما تشاركنا الأحلام وعلّقنا سويًا أمنياتنا على السقف
هو شريك الخطوات والبدايات التي لا تكتمل إلا باستشارته
هو من كان يُشرق يومي معه في الطريق للجامعة وأودعه ساعة الغروب
هو مُدبر المؤامرات والمقالب التي أحيانًا تنتهي بمصيبة وكارثة
هو ذاته من جمعني معه في ليلة الشتاء الباردة لقاء هامشي بلا ميعاد!
بعد صحبة دائمة ويومية امتدت لسنوات أبحر كل منا بعد التخرج لعالمه الخاص، عالمه الذي اجتمع فيه مع زملاء عمل يحملون نفس اهتماماته ويشاركونه ذات الاختصاص فتلتقي العقول ويصبح للحوار والنقاش لذّة، حتى هو انخرط في عمله ومجاله وبدأت لقاءاتنا تقل حتى باتت تمر الشهور لنكتفي بإرسال تلك الرسائل المعلبة الجاهزة للتهنئة بالمناسبات مذيلة باسمائنا.. وهذا كل شيء
لا يوجد سبب للنهاية.. لا ضرر ولا خطأ.. فقط تغيرنا من حيث لا نشعر، ومن حيث لا ندري انشغلنا مع صداقاتنا الجديدة فطوينا صفحة الأمس وطُوِيت معها أيام جميلة مليئة بالضحكات والألوان.
مؤلمة تلك اللحظات التائهة التي نحاول لملمة شتاتنا لنستذكر الماضي ونضحك لكننا لا نقوى، فقد أصبحنا أكثر رسمية وتحفّظا وتقديرًا لذاتنا تحصن كل منا خلف أسوار خجله وغادر باحترام.
هو شيء لا أفهمه، حاولت تحليله فلم أستطع، أشفقت على صداقتنا الراحلة كيف وصل بها الحال، فمن كان أقرب من الأنفاس بالأمس بات اليوم شخصًا آخر لا أعرفه وربما أنا كذلك تغيرت وهذا لا يهم.. فالنتيجة واحدة وتقبلتها رغم الحنين.
أشخاص كُثُر يغادرون حياتنا بلا سبب، ربما لأنهم وجدوا الأفضل أو ربما انشغلوا باهتمامات جديدة لاتهمنا
وبين ربما وربما تتوه الكلمات.. لكن لا بأس
فقد علمتني الحياة أن بعض العلاقات تنتهي بلا سبب وعلينا أن نتعلم كيف نحترم قرار الآخرين بالتخلي عنّا
وحتى لا نُخذل.. لا حاجة للبحث عن الغائبين
«فبعض العلاقات له تاريخ صلاحية وانتهاء؛ مضر جدًا الرجوع إليها بعد انتهائها»
.. لأنهم لن يعودوا كما كانوا.
وحتى لا نُصدم.. علينا ألا ننتظر الكثير من أشخاص باتوا اليوم غرباء ولا نعني لهم شيئًا.
فاصلة،
في الحياة أشياء كثيرة لا تخضع للتحليل والتنظير.. ليس بالضرورة أن يكون لكل شيء سبب.. فالانشغال بمعرفة الأسباب يجعلك أسير الماضي.. لنقلب الصفحة ونبدأ من جديد.. هذا أفضل
لافتة:
إلى الراحلين من حياتي «حظًا طيبًا»
إضاءة:
أقسى شعور؛ أن تتحدث برسمية مع من كان الأقرب إليك
آخر السطر:
بنروح يا فهيد ولا هو بباقي إلا ذكرنا الطيب

بقلم : دويع العجمي
copy short url   نسخ
17/04/2017
5820