+ A
A -
بدأت متاعب حكومة الدكتور سعد الدين العثماني في المغرب حتى قبل أن تبدأ الحكومة نفسها عملها، وهو عمل معلق حتى تنال ثقة مجلس النواب.
بعض التكهنات المتشائمة، وربما المتسرعة، تقول إن الحكومة التي تضم ائتلافاً يضم ستة أحزاب ربما لن تحصل على ثقة مجلس نواب يضم 395 نائباً، إذ المطلوب أن تحصل الحكومة على أصوات 198 نائباً.
توقعات أخرى تقول إن الحكومة ستواجه مصاعب في البرلمان، لكنها ستحصل على الثقة.
بيد أن الإشكال لا يتجسد في هذا الأمر، لكن مشكلة الائتلاف الحكومي في المغرب أنه خلق تصدعات وغليانا داخل أحزاب الأغلبية الحكومية كان أبرزها داخل حزب «العدالة والتنمية» نفسه، وهو حزب ذو مرجعية إسلامية ينتمي إليه العثماني، ويعرف حالياً حالة أقرب ما تكون إلى التمرد، حيث يعتبر التيار المتشدد أن زعيم الحزب عبدالإله بن كيران تجرع مهانات عندما أعفي من منصبه عبر بيان صدر من الديوان الملكي دون أن يحظى باستقبال من طرف العاهل المغربي كما كان يأمل.
ثم جاءت مواقف العثماني المرنة بشأن تفاصيل تشكيل الحكومة الائتلافية ليزداد الأمر تفاقماً.
قبل العثماني الذي ينظر إليه باستمرار داخل «العدالة والتنمية» باعتباره رمزاً للاعتدال يميل إلى التوافقات، بجميع الشروط التي وضعتها أحزاب الائتلاف الحكومي، ورفضها بن كيران، وأهمها قبول حزب «الاتحاد الاشتراكي» داخل الحكومة حيث تولى ثلاث حقائب، ثم ضم حزب «الاتحاد الدستوري» الصغير ضمن الائتلاف.
وانتقد أعضاء من «العدالة والتنمية» الذي يعتبر فعلياً قائد الائتلاف الحكومي، أن يحصل الحزب على 11 منصباً أي ما يمثل ربع حكومة تضم 38 وزيراً بينهم ستة وزراء مستقلون يطلق عليهم «وزراء القصر» ويتولون وزارات أساسية مثل الداخلية والخارجية والدفاع والأمانة العام للحكومة (توازي رئاسة الحكومة).
لكن الأمر لا يقتصر على «العدالة والتنمية» بل إن التململ والغضب وحتى الغليان شمل كذلك ثلاثة أحزاب أخرى داخل الائتلاف الحكومي.
إذ تفجرت خلافات على مستوى قيادة حزب «الحركة الشعبية» الذي دخل باسمه خمسة وزراء بينهم اثنان حصلا على ترشيح الحزب في «الوقت الإضافي» لتشكيل الحكومة. وهناك الاتحاد الاشتراكي الذي أقسم بن كيران عندما كلف بتشكيل الحكومة أنه لن يكون قط ضمن الائتلاف الحكومي، لكن العثماني قبل بهذا الحزب، وأثار اختيار قيادته للوزراء الذين يمثلونه داخل الحكومة، غضباً داخله إلى حد أن مجموعة من أعضاء المكتب السياسي أصدروا بيانا مناوئاً لقيادة الحزب.
أما الحزب الثالث الذي تبرم بعض قيادييه من تمثيله داخل الحكومة بحقيبتين فقط، فهو «الاتحاد الدستوري» وبلغت الخلافات حد مطالبة قياديين بإقالة الأمين العام للحزب الذي أسندت إليه وزارة السياحة والطيران.
سيواجه العثماني الآن أربع عقبات كأداء عليه تذليلها.
أولاً امتصاص الغضب داخل حزبه (العدالة والتنمية) بإرضاء بن كيران نفسه، الذي يشعر بالمرارة من إعفائه من تشكيل الحكومة، ثم التيار الغاضب داخل الحزب الذي يعتقد كثيرون أنه يتغذى من «مرارات» بن كيران.
ثانياً، الحصول على أغلبية مريحة داخل البرلمان.
ثالثاً خلق انسجام بين ائتلاف حكومي يضم «إسلاميين وليبراليين وأمازيغيين واشتراكيين.. وحتى شيوعيين».
والمهمة الرابعة وهي أساسية، بأن يعمل سعد الدين العثماني في تناغم مع القصر الملكي ولا يصطدم مع ما يسمى في المغرب «بالدولة العميقة» التي يقصد بها مراكز السلطة والنفوذ
بقلم : طلحة جبريل
.
copy short url   نسخ
15/04/2017
2747