+ A
A -
رغم الاوصاف التي اطلقها دونالد ترامب على بشار الاسد وكيم جون اون والقادة الايرانيين، وتوبيخه القاسي لبوتين بسبب دعمه طاغية دمشق، فإن الاسلوب الفظ والفج الذي استخدمه الرئيس الاميركي لم تعهده اسماعنا من قبل، خصوصا فيما يتعلق ببشار ذاته.
ولا اذكر خلال عملي الصحفي منذ اكثر من نصف قرن ان رئيسا قد وصف آخر بالحيوان والجزار والشرير رغم كل جرائمه التي تؤهله للمثول امام محكمة الجنايات الدولية.
ربما تكون العلة في الكلمات المستخدمة والبعيدة كل البعد ليس عن الدقة بل عن الدبلوماسية واللياقة، وإن كان اغلبية سكان هذا الكوكب سعداء في سرائرهم وهم يسمعون ما تردده ألسنتهم ليلا ونهارا استهجانا وغضبا لقتل واعتقال وتشريد الملايين في سوريا، واستنتاجهم بعد التطورات الاخيرة ان عائلة الاسد اصبحت خارج التاريخ.
مجموعة عوامل دفعت ترامب الى هذا المسلك غير المسبوق، اهمها انه ثري يتعامل بمبدأ الصفقات و«واحد زائد واحد يساوي اثنين»، حتى بدا لي وأنا استمع وأشاهد الفيديو الذي بثه اليوتيوب، مرة تلو الاخرى، ان ترامب يقول بالفم الملآن انه كشرطي الكون الجديد ليس بحاجة الى بشار ولا الى أون ولا الى الذين يتخذون قرار التمدد والتوسع في ايران، ولا حتى لبوتين اذا بقي مساندا لنظام دمشق.
ولم يُبد ترامب اي عاطفة لبوتين الذي سعى طويلا لاستمالته، ففاجأه وصدمه بضربة الشقيرات التي هزت أسس الاستراتيجية الروسية في المنطقة والعالم.
بوتين للأمانة احتفظ بهدوئه ولم يستجب لتحديات ترامب الذي طالبه علنا بفك ارتباطه مع بشار قائلا له: «إما نحن أو هو».. وإذا كان «القيصر» المضروب على وجهه قد استخدم الفيتو لمنع إدانة بشار بهجوم خان شيخون الكيماوي، فإن هذا هو اقل ما يمكن عمله للحفاظ على ماء وجهه وهيبته، وهي مسألة كما يعرف الجميع، مهمة جدا بالنسبة للرئيس الروسي.
وللأمانة ايضا فإن لافروف كان سخيا في صبره وحكمته عندما حاور نظيره الاميركي تلرسون وجره الى الاتفاق على إنشاء فريق عمل مشترك يضم خبراء من البلدين للسعي الى تسوية الخلافات حول سوريا وغيرها.
غير ان تصرف الوزير الروسي الذي يشكل مخدة لامتصاص الصدمات، لا يكفي لنزع فتيل التوتر العالي الذي يهيمن على علاقات واشنطن وموسكو، مع ان بوتين بادر، إبداء لحسن النية، الى استقبال وزير الخارجية الاميركية الزائر بعد محادثته مع لافروف، رغم ان هذا الاستقبال غير مدرج على جدول الاعمال.
الاشارات الروسية التي تشي بالرغبة في التهدئة كثيرة، وكذلك الضغوط الاميركية والاوروبية الموجهة لموسكو للتخلي عن بشار. ثم ان الازمة قد تطول وتتشعب فيما لا يزال احتمال توجيه المزيد من الضربات العسكرية للنظام قائما، وكذلك امكانية معاقبة اميركا لروسيا وإيران.
وما يزيد الطين بلة، ان ترامب رفع درجة الاحتكاك مع صبي كوريا الشمالية «السايكوباثي» الذي قال وسط تصفيق الجنرالات: نحن جاهزون للحرب!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
14/04/2017
1171