+ A
A -
أشتاق إليه، يَصُدُّنِي.. الحنينُ يَشتعل في عينيّ.. قلبي يُرفرِف ولا يَعرف كيف يَطير إليه لِيُذَكِّرَهُ بوجودي، أمَّا قلبُه، فهو في ثلاجة.. أُجَفِّفُ كبريائي من بَلَلِ بحرِ قَسوتِه المالح، أَتَجَرَّعُ فنجانَ حياتي الْمُرّ وأَتَعَمَّدُ الانحناءَ قُبَالَتَهُ وأنا أَضَعُ له فنجانَ القهوة الْمُحَلَّاة على طاولته عَلَّنِي أَشُمُّ رائحتَه التي غَابَتْ.. نظراتي تَتَوَسَّلُه، لكنه لا يُبالي.. أَعُود إلى مطبخي حزينةً جاهلةً ما تَطْبُخُ لي الأيامُ شاعرةً بالضياع واليُتم والظَّمَإِ.. أُواصِل رحلةَ العذاب وأنا أُمَنِّي نَفْسي بانتظار شمسِ منتصَفِ الليل.. لا شمس تُشرق، كُلّ ما هنالك أن الرجُلَ يُشهِرُ في وجهي ورقةَ طلاقٍ تأتيني على يدِ مجهولٍ يُطالبُني بإخلاءِ مكان الإقامة، فلا مكان لي فيه أو في حياة المالِك..
(..)
الطلاق ليس نهاية العالَم، إنه بداية لحياة جديدة قد تَكون ناجحة، فالحياةُ تجارب، وفَشَل تجربةٍ مع هذا لا يعني فَشَلَها مع ذاك وذلك. لكن ما يجب أن نتفق عليه هو أن تَتَغَيَّرَ النظرةُ إلى المرأة المطلَّقة.
لا توجدُ امرأة عاقلة تختار الطلاقَ لمجرد التغيير، فالرجُلُ نِصْفُنا الثاني وشريكُنا في الحُلْو والْمُرّ، والمرأةُ ليست قطعةَ ديكور يَزهد فيها الرجُلُ فيرتئي أن يُجدِّدَها.
المرأة كائن مرهَف يحتاج إلى عاطفة فيّاضة بحكم غَلَبَةِ الجانب العاطفي عليها. فالطلاق سواء أكان «أبغض الحلال» أم الطلاق العاطفي النفسي (استمرار الزواج دون تجاوب حِسِّي جسدي بين الزوجين) يَقِيناً يُرْهِقُ المرأةَ ويُلقي بها في بئر الحرمان.
لماذا نُعَادِي المرأةَ المطلقة؟!
لماذا لا نتصور أن في طلاقها فُرصة لِتُجَرِّبَ الحياةَ دون وقف التنفيذ؟!
لماذا لا نَفْهم أن المرأةَ مشاعر تَبْحث عَمَّنْ يُثَمِّنُها ويُطَوِّقُها؟!
ما الفائدة من الزواج إذا لم تَجِد المرأةُ في الرجُل يَداً رحيمةً تَمْسَحُ على رأسها وسَكَناً ولِبَاساً انطلاقا من قوله تعالى: «هُنَّ لِباسٌ لَكُم وَأَنْتُم لِباسٌ لَهُنَّ» (سورة البقرة، من الآية: 187) وقوله عزّ وجلّ: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» (سورة الروم، من الآية: 21)؟!
فكيف يعقل أن يَفتح لها البابَ لِيَطْردها من جَنَّتِه من جهة، وفي المقابل لا يَسْمح لها بأن تَسْعد مع سواه ويُوصي نساءَ قبيلتِه بإغلاق الباب في وجهها؟!
ليس دَورنا أن يَنصب الواحدُ منا نفسَه قاضيا ويُحاكم المرأة، فهناك عين الله التي لا تَنام تَجعلنا نستحي أن تَرانا على معصية، وهناك ضمير نَعرف أنه يُحاسبنا على كل صغيرة وكبيرة.
صحيح أننا لَسْنا من الملائكة، لكن ليس من الحكمة أن نَكون من الشياطين. نحن بَشَر على قَدْرٍ من الرحمة، وعلينا أن نُنْصِفَ المظلومَ، وإذا لم نتأكد من استحقاقه للإنصاف لِنَكُنْ على الأقل محايدين ونَنْشر السلامَ.
نَافِذَةُ الرُّوح:
«شَيْءٌ مِن الأَلَمِ يُهَيِّجُنَا.. كَثير مِن الأَلَمِ يُبَنِّجُنَا».
«القسوةُ ممحاة تُهَدِّدُ سطورَ كتابِ الحُبِّ بالإبادة».
«مع كل حَرفٍ تَقْذِفُ بِهِ كالحَجَر مِن فَمِكَ تَكْسِرُ رَغبةً في تَضْحِيتي من أجلِكَ».
« ليسَ شَكُّ الرجُلِ أكثر مِن قَبرٍ للمرأةِ».
«أنا وأنتَ ضِفَّتَان بينهما يَمْضِي نهرُ الحُبّ، تُظَلِّلُنا أشجارُ الصَّبْر، وتُضيءُ لنا شمسُ الرِّضى ومَصابيح الحِكمة».
«مَتى كُنْتَ مَوْجودا في حياتي لِتُهَدِّدَني الآن بالرحيل؟!».
«[نَامِي عُصْفُورَتي نَامِي..] هكذا يُخَدِّرُكِ بِكَلِماتِه كلما أَيْقَظَكِ فَزِعَةً كابوسُ قَسْوَتِه».

بقلم : سعاد درير
copy short url   نسخ
13/04/2017
5113