+ A
A -
باب الاجتهاد والتحليل والتأويل مفتوح على مصراعيه بخصوص نوايا الولايات المتحدة تجاه سوريا، وبالطبع روسيا وإيران. غير ان الامر المتفق عليه بشكل كبير هو ان ضربة القاعدة العسكرية التابعة لنظام الاسد، ليست ضربة مقطوعة او ضربة لمرة واحدة.
هذا الاستنتاج ورد ولو ضمنا في احاديث مسؤولين اميركيين منهم سفيرة واشنطن في الامم المتحدة «نكي هيلي» التي قالت بعد تنفيذ ضربة الشعيرات مباشرة ان «المزيد من الضربات وارد، ولكن لنأمل ألا يحدث ذلك».
الضربة كما هو معلن نفذت كعقاب حصري على استخدام نظام بشار الاسد حسب الادلة «السرية» المتوافرة للإدارة الاميركية السلاح الكيماوي ضد المدنيين في خان شيخون بإدلب يوم الجمعة الماضي، لكن الواضح ان واشنطن تستخدم تلك الضربة كذلك، للتخويف واستعراض العضلات، خاصة عندما قال وزير الخارجية ريكس تليرسون ان ما فعلته الولايات المتحدة بمواقع عسكرية تابعة للأسد هو تحذير للدول الأخرى، مسميا كوريا الشمالية بالاسم، ومضيفا ان «الرد ضدها هو المرجح اذا شكلت خطرا».
لم يتحدث تليرسون عن روسيا او ايران، لكن هيلي قالت علنا ان الادارة الاميركية تبحث في فرض عقوبات على البلدين الوحيدين في العالم المتحالفين مع بشار، بسبب تبنيهما لنظامه الارهابي.
وإذا كان بعض المحافظين في واشنطن قد لاموا ترامب على التنكر لوعوده الانتخابية عندما ألزم بلاده بالمزيد من «المغامرات الخارجية»، فإن اجراءه ضد بشار كان ضربة معلم ليس مجنونا ولا متهورا، ضربة اعادت التوازن الى معادلات اختلت بشدة جراء سياسات اوباما المتخاذلة التي حولت ايران مثلا الى دولة توسعية عدوانية وامبراطورية النزعة.
لا نظن ان اميركا او روسيا تفكران في حرب بينهما، بسبب بشار او غيره او في كوريا الشمالية او اوكرانيا او اسرائيل او العراق واليمن، ولكن المهم في هذه المواجهة هو ماء الوجه، والهيبة التي يعرف البلدان قواعدها المانعة للصدام الفعلي بينهما.
وإذا كان «القيصر» عاتبا على ترامب لقصفه بستين صاروخا ارضا تحت حماية تتولاها موسكو، ما يشكل عبثا بالتوازنات التي اقامتها روسيا في سوريا، فقد اوضحت هيلي ان روسيا لم تكن مستهدفة لا هي ولا مواطنيها، وأنه تم ابلاغ موسكو وغيرها من المعنيين، بأنها آتية.
هيلي، وهي بالمناسبة سافلة سياسيا في تعاملها مع الفلسطينيين، قالت بالحرف الواحد قبل ساعات انه «لا خيار هناك لحل سياسي والاسد على رأس النظام، وإنه يستحيل تصور حكومة مستقرة بوجوده». هذا الكلام الذي يعتنقه ترامب المعجب جدا بمندوبته المذكورة، سيكون محل بحث عندما يزور وزير الخارجية الاميركية موسكو اليوم.
وقبل زيارته التي رحبت بها موسكو، لم يتردد تلرسون بالقول ان روسيا اثبتت انها غير مؤهلة للاشراف على تفكيك الترسانة الكيماوية للنظام السوري، مشيرا بذلك الى ضربة 2013 الكيماوية التي استهدفت ريف دمشق ولفلفها بوتين بالتعاون مع اوباما الذي تعهد ان يعمل النظام وموسكو على التخلص من اسلحة النظام الكيماوية.
وسط هذه الاجواء التي طلبت فيها واشنطن ان يختار بوتين إما اميركا او بشار وجدت غرفة العمليات المشتركة التي تضم روسيا وإيران والميليشيات الشيعية، نفسها مضطرة للتهديد بأنها سترد بقوة على اي تجاوز آخر للخطوط الحمراء. ولا نملك إلا ان نسأل الغرفة: لماذا لم تردوا على الضربة الاولى؟!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
11/04/2017
2022