+ A
A -
صوت عاقل من بين آلاف الاصوات غير العاقلة العاملين في السلك السياسي يدعو بشار الأسد الى التنحي لتجنيب بلاده ويلات الحرب، مطالبا واشنطن وموسكو بالتدخل لوقف المآسي السورية. الصوت هو صوت القائد الشيعي المتوازن مقتدى الصدر الذي امضى السنوات الاخيرة في انتقاد كل ما فعلته ايران بالعراق وسوريا، لكننا لا نعول طبعا على استجابة بشار أو من يحركونه، فالقتل عادة لا تختلف كثيرا عن تعاطي المخدرات.
ما علينا، فليبق بشار الى ان يُزال بالقوة او بالسياسة أو المحكمة الدولية في لاهاي. ورغم ان الصحوة الاميركية المفاجئة لم تنهه، فقد وضعته على بداية الطريق الى الهاوية التي تنتظره.
وعلينا ان نأخذ العبرة والإلهام من اهالي القرية المنكوبة في ريف ادلب خان شيخون، الذين طالبوا الولايات المتحدة بالمزيد من الضربات وإن كان أي شيء لن يعيد اليهم موتاهم في هجمة بشار الكيماوية الاخيرة عليهم.
نحن هنا لسنا من المطالبين باللجوء الى القوة للاطاحة ببشار، لكن مسلكه ومسلك محرضيه كموسكو وإيران وحزب الله والقلة القليلة من المؤيدين المضللين، هو الذي حرك ادارة ترامب لتوجيه الصواريخ الاميركية ليس صوب سوريا، ولكن صوب قاعدة شريرة يستخدمها لإرسال السوخوي الروسية لقصف المدنيين.
آن لكل ذلك ان يتوقف، وحان الوقت لأن يتنفس ملايين السوريين الخاضعين للقتل والتشريد والموت جوعا، ولعل الضربة الاميركية على قاعدة الشعيرات وهي اول تدخل عسكري اميركي منذ عام 2011 يحرك بركة الموت الراكدة، وما لا يذكر من الرحمة في افئدة الطغاة الذين يصنعون قرار تأجيج الصراعات والحروب في سوريا والعراق واليمن والكثير من دول المنطقة المبتلاة بالارهابيين الشيعة من كل الالوان والاطياف. وعندما ألغى وزير خار جية بريطانيا زيارة مقررة لموسكو، فقد عبر بذلك عن استهجانه لتشجيع بوتين دمى كالأسد على التمرد خدمة لمصالحه وأحلام العظمة الامبراطورية التي تستحوذ عليه وتحرك الايرانيين ايضا، بطريقة او أخرى.
ونحن اذ نؤيد اقتراح الرئيس الايراني حسن روحاني تشكيل لجنة تحقيق دولية بشأن هجوم خان شيخون - لثقتنا بأن بصمات النظام عليها - فإننا نطالب بوتين بأن يلطف الاجواء وأن يمتنع عن جر روسيا الى منازلة مع الولايات المتحدة لن يخرج منها أحد رابحا.
لا نستطيع ان نطالب ربيب الكي. جي. بي بأن يتخلى عن رؤيته التوسعية، لكننا نطالبه بوقف تدخله في سوريا ورفع يده الثقيلة عنها وانهاء المحور الشرير الذي يشكله لتحدي الولايات المتحدة. لأن الامر أصعب بكثير مما يتصور ليس لقلة في المعلومات لديه ولكن لأن استمراره في مد نفوذه في الشرق الاوسط باعتباره منطقة نفوذ اميركية منذ قرون، سيقود حتما الى مصادمات عسكرية بين موسكو وواشنطن.. ومن يدري فقد تتحول الى نووية يعاني منها العالم كله؟
أخطأ بوتين حين جاء الى سوريا، وأخطأ بشار عندما رحب به وخضع له، وأخطأ أوباما عندما منع السلاح عن المعارضة ووقف الي جانب نظام طاغ ومخابراتي لا يرحم أحدا. غير ان ترامب الذي اتهم بالجنون وعدم الخبرة، هو الذي اتخذ الخطوة الأولى الحكيمة لتصحيح الوضع ولاسترداد التحالف مع المحور العربي بقيادة السعودية.
وندري ان المعارضة الروسية الرافضة لتدخل بوتين في سوريا تنمو داخل البلاد رغم تعرضها للقمع البوليسي، لكن خيبة الامل من تبني بوتين لبشار تمنحه لقب عراب بامتياز، وتضاعف الحاجة ليتخلى عنه في اقرب وقت حتى تحل مشاكل الشرق الاوسط والخليج ويعود الاستقرار والأ من الى الاقليم.
نأمل من اعماق قلوبنا ان يتحقق ذلك، وأن لا نسمع عن ضربات اميركية جديدة لم يستبعدها ترامب، سواء ضد سوريا أو ايران، لأن ما نحن بحاجة اليه هو السلام الحقيقي لا العدوان والتوسع والاحلام الامبراطورية التي تمارس على الدول العربية.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
10/04/2017
1231