+ A
A -
قبل هيمنة القنوات الاخبارية ووسائل التواصل الاجتماعية على حياتنا... كنا نختلف في أمور ونتفق على أمور اخرى ثم أصبحنا نختلف في كل شيء ولا نتفق على شيء...تم تسيسنا تدريجيا..دون ان نشعر..وعلى مراحل، أبعدتنا السياسة عن الكياسة،،شغلتنا بالتنظير دون تفكير،وبالتعميم دون تخصيص.. ننساق وراء الشعارات والكلمات المنمقة ونحن غير مدركين أن ظاهرها غير باطنها....واذا كانت السياسة في عصر الأديب الايرلندي اوسكار وايلد هي جمع الدراهم من الأغنياء.وجمع الأصوات الانتخابية من الفقراء.بحجة حماية الواحد من الآخر،فأنها الآن لاتحمي سوى المنتفعين من انقسامنا واختلافنا وكراهيتنا لبعضنا البعض..لا لشيء سوى ان الساسة يريدون ذلك، ذات مرة كان داهية القرن العشرين تشرشل يتجول مع موظفيه سيرا على الأقدام حين أشار احدهم إلى ربوة وقال هناك يرقد السياسي الشريف فلان الفلاني فرد تشرشل بسرعة: وهل يدفن شخصان في قبر واحد؟ وسُئلت زوجة الرئيس ترومان اليزابث عن رأيها في السياسة فقالت:أنني أحترف السياسة منذ دخل زوجي ميدانها.وقد فعلت ذلك مُرغمة.ولو كان لي ولد لما أحببت أبدا أن أراه في منصب رئيس الولايات المتحدة.وهي صاحبة العبارة الشهيرة: إذا أردت أن تجد صديقا في واشنطن فاشتري كلبا.ولأن لا أصدقاء في عالم السياسة ولا بين من يتعاطون السياسة،فقد منعت اليزابث زوجها من ترشيح نفسه للرئاسة مرة أخرى،وذلك لتعيش حياتها ويعيش حياته.أو ما تبقى منها....وأعرب الأمام محمد عبده رحمه الله عن بغضه الشديد لكل ما يتعلق بالسياسة بحرقة اذ قال: قاتل الله السياسة إنها ما دخلت في شيء ألا أفسدته.فأن شئت ان تقول ان السياسة تضطهد الفكر أو العلم أو الدين فأنا معك من الشاهدين.أعوذ بالله من السياسة ومن لفظ السياسة ومن معنى السياسة.ومن كل حرف يلفظ من كلمة السياسة.ومن كل خيال يخطر ببالي ويتعلق بالسياسة.ومن كل أرض تُذكر فيها السياسة.ومن كل شخص يتكلم أو يتعلم أو يجن أو يًعقَل في السياسة.ومن ساس ويسوس وسائس ومسوس.وكل الثورات في العصر الحديث تقوم بحجة أصلاح الحال وتقويم الأمور.أمور من قاموا بها على أية حال.والهدف منافع خاصة لا أكثر ولا اقل لأقلية محدودة.وتدفع الأغلبية الثمن.وما أبشعه من ثمن.أفغانستان.السودان.الصومال.اليمن. العراق.والقائمة طويلة.وكل تغيير يطمس كل الإصلاحات السابقة بحجة أنها من العهد الغابر.وكل تغيير يعيدنا للخلف.أصبحنا نتنفس سياسة ونشرب سياسة ونتخلف باسم السياسة.وقاتل الله كل من قتل باسم السياسة.وكل من فرق باسم السياسة.وكل من أهدر ثروة أبنائنا وشعوبنا باسم السياسة.

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
09/04/2017
1247