+ A
A -
تعرضت منطقة خان شيخون في ريف إدلب إلى هجوم كيمياوي بغاز السارين المحرم دوليا ليسقط أكثر من مائة قتيل حسب الاحصائيات الأولية، هذا فضلا عن مئات المصابين بحالات الاختناق الخطيرة والمميتة. وهو ثاني هجوم من حيث حصيلة القتلى بعد هجوم غوطة دمشق في أغسطس عام 2013 والذي خلف وراءه أكثر من 1200 قتيل وآلاف المصابين. سارع النظام في سوريا كالعادة بنفي علاقته بالجريمة وتنصلت روسيا من المسؤولية وبادرت إيران إلى ملازمة الصمت المريب في ظل تأكيد المنظمات الدولية والحقوقية على بشاعة الجريمة ووحشيتها.
جامعة الدول العربية مثلها مثل كل المنظمات العربية والاسلامية المرتبطة بالنظام السياسي القائم فإنها لم تحرك ساكنا يذكر وحتى حالات التنديد الخجولة فإنها تبقى دون قيمة إجرائية تذكر. فرغم كل الإجراءات والتهديدات والتنديد الذي عبرت عنه القمة العربية الأخيرة التي دعمت الحل السياسي في سوريا وشجبها لجرائم الأسد والمليشيات المرتبطة به فإن النظام الطائفي في دمشق قد ضرب عرض الحائط بمجمل القرارات سواء منها العربية أو الدولية، وهو يتحدى في هجومه الكيمياوي بالأمس المجتمع الدولي نفسه مدركا أنه فوق الحساب والمحاسبة.
فالفيتو الروسي والصيني جاهزان كالعادة لتعطيل كل قرار يمكن أن يدين الأسد ونظامه، كما أن التطور الأخير في الموقف الأمريكي الذي لم يعد متحمسا لرحيل الأسد شجع بشار على ارتكاب مزيد من الجرائم بحجة محاربة الإرهاب والقضاء على الجماعات الإرهابية. إن تطور المشهد السياسي الدولي لصالح النظام في دمشق وتشجيعه على مزيد الإيغال في الدماء وفي جرائم الإبادة ضد شعبه هو الذي يفسر الحجم المروع لجرائم القتل التي لا تكاد تنتهي.
لقد مثلت صور جثامين الأطفال الملقاة على الأرض صدمة مروعة جديدة وشاهدا لا يكذب على حجم الجريمة التي يمكن أن يرتكبها النظام في حق شعبه من أجل البقاء في السلطة. فبعد هذه الجريمة النكراء وبعد كل ما ارتكب من جرائم ومن فظاعات خلال السنوات الست من عمر الثورة السورية يمكن القول بأن ما ارتكبه نظام الأسد والقوى المتحالفة معه ضد شعبه لم يرتكبه حاكم في تاريخ الأمم المعاصر والحديث.
بناء على ما تقدم فإن كل المفاوضات التي لم تتوقف منذ بداية الحراك السلمي للشعب السوري لم تكن في الحقيقة إلا مسكنات تعكس عجز المجتمع الدولي ومشاركته في جريمة القتل المفتوح لشعب سوريا. إن هذا الاستنتاج الأخير على بشاعته قادر على أن يفسر لماذا يرفض المجتمع الدولي إيقاف نزيف الدم السوري مثلما فعل في حالات مشابهة مثل مجازر البوسنة أو مذابح روندا أو غيرها من الجرائم ضد العزل والمدنيين.
ليست فظاعات الكيماوي إلا الوجه الآخر لنظام الاستبداد العربي القادر على ارتكاب كل المحرمات بل والقادر أيضا على تبريرها وعلى التملص منها بسبب توافق قوى الموت الداخلية مع قوى الاستعمار الخارجية على منع الشعوب من التحرر من أنظمة الوكالة الاستعمارية الممثلة أساسا في الجمهوريات العسكرية.
ستبقى الثورة السورية رغم كل المؤامرات التي حيكت حولها أم الثورات العربية، وهي الشاهد الذي لن يموت على حجم الزيف والتضليل والنفاق الذي يسود العالم اليوم.
بقلم : محمد هنيد
copy short url   نسخ
06/04/2017
2731