+ A
A -
إن كان ثمة فائدة لظهور التنظيمات الإرهابية كداعش أو الميليشيات الطائفية في العراق فهي أنها أكدت للكثيرين من خلال الطريق الصعب والمليء بالدماء أن معارضة الآخرين وكراهيتهم لمجرد الاختلاف مع معتقداتهم لا يمكن أن يوصل إلى شيء إلا المزيد من القتل وسفك الدماء فضلا عن الخراب والدمار العبثي كما أثبت الهجوم على مشاة مدنيين في لندن قبل أيام.
واليوم بات الكثيرون يدركون أن التعايش مع الآخرين رغم الاختلاف الطبيعي الذي هو من سنن الله في الأرض أسهل بكثير وأقل كلفة من الدخول في صراعات عبثية لفرض اتجاه معين أو توجه بعينه على الآخرين، والحكمة التي يؤمن بها الكثيرون اليوم تقول إنه ليس بوسعك أن تغير قناعات شخص أو مجموعة بحد السيف أو فوهة البندقية، والحل الأسهل والأقل كلفة فضلا عن كونه مجربا يقضي بقبول الآخرين كما هم ومحاولة الوصول إلى نقاط التقاء معهم والركون إلى الحوار والحوار وحده لأن ذلك هو الطريق الوحيد لضمان مصلحة الجميع في نهاية المطاف.
بطبيعة الحال لا يمكن أن نطالب تنظيما مثل داعش باللجوء إلى أساليب الحوار والعقلانية في التعامل مع الاختلاف، فمن ينضوون تحت مظلة هذا التنظيم يعتنقون فكرا عبثيا ملخصه أن القتل والترهيب هو الحل الوحيد لجميع المشاكل وهو الطريق الأسهل للوصول إلى الأهداف المراد تحقيقها أيا كانت، لكن المؤكد أيضا أن الكثير من المسلمين حول العالم باتوا اليوم أكثر قناعة من أي وقت مضى بأن أمة العقل والمنطق والعلم يجب ألا تسمح لمثل هذا الفكر أو لأصحابه بأن يتكلموا باسم الإسلام، فالإسلام دين جاء لتنظيم حياة البشر من خلال مفاهيم منطقية وعقلانية تتلاءم مع المنطق الإنساني ومثل تلك الأفكار المتطرفة لا يمكن أن تستقيم مع أية فطرة سلمية ولا يمكن أن تحقق أي هدف سوى زيادة منسوب الكراهية بين شعوب يفترض أن الله خلقها لتتعارف وتتمايز بالعلم والمعرفة والتقوى.
وما ينطبق على هؤلاء ينطبق على ميليشيات القتل الطائفي في العراق حيث يتم قتل الآخرين وتعذيبهم لمجرد الاختلاف المذهبي ولتصفية حسابات عمرها أكثر من ألف عام رغم أن هذا الطريق لا يمكن أن يفسح المجال مطلقا لإقامة دولة حقيقية في العراق ولو بعد 10 آلاف عام!
في كندا قام طالب مسيحي متطرف قبل أسابيع بمهاجمة مسجد برشاش آلي فقتل 6 مصلين وأصاب عددا آخر بجراح ليؤكد أن الفكر المتطرف لا يعرف دينا أو مذهبا بعينه وإن الغرق في دوامة الانتقام سيؤدي في نهاية المطاف إلى بحر من الدماء.
لا مكان للدواعش مسلمين أو غير مسلمين في هذا العالم، حقيقة سيكتشفها الجميع عاجلا أم آجلا.

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
29/03/2017
3696