+ A
A -
فجأة اكتشفت البرازيل أن لحومها ستبور، وأن عوائدها من تجارة اللحوم الحمراء والبيضاء سوف تصاب بضربة قاسية، والسبب هو ما أشيع عن فساد هذه اللحوم، وأيضا بسبب ما تردد عن طريقة ذبحها التي تتجافى مع تقاليد عالمنا العربي والذبح على الطريقة الإسلامية..
ومن المعروف أن الدواجن البرازيلية هي الأشهر في أسواقنا العربية، وأنه لا يكاد يوجد بيت عربي لم تدخله أطباق هذه الدواجن البرازيلية المجمدة، ومن ثم فإن هذه الفضيحة التي تناقلتها وسائط الإعلام في كل أنحاء العالم لفتت الجميع، وبالخصوص بلداننا العربية التي استمرأت العيش على اللحوم البرازيلية بنوعيها الأحمر والأبيض.
لكل ذلك اضطر الرئيس البرازيلي الحالي ميشال تامر إلى تكثيف اجتماعاته مع وزراء في حكومته ومع سفراء غربيين لملاحقة تطورات فضيحة قيام منتجي لحوم برازيليين بتصدير لحوم فاسدة منذ سنوات إلى دول عدة حول العالم، وحينما عقد اجتماعا طارئا مع سفراء الدول الرئيسية المستوردة للحوم البرازيلية قال لهم: «عند الخروج من هنا، أريد أن أدعو الجميع إلى حفل شواء من أجل تناول اللحم البرازيلي»، وذلك بحسب ما نقلت عنه وسائط إعلام دولية.
غير أن أطباق الكباب البرازيلي، مهما كانت لذتها، لا يمكن أن تخفف من تداعيات شكوك صارت تراود الجميع، وهو ما ينبغي ترجمته إلى توجهات جديدة في بلداننا العربية، مفادها أننا لابد أن نربي ما نأكله، طالما أننا نعيش في عالم يبعث على الارتياب، ومهما كانت كلفة ما نربيه، وأيضا على الرغم من عدم وفرة متطلبات الإنتاج الحيواني والدواجن في بعض بلداننا العربية، فإن ندفع أكثر في قهر ظروف الطبيعة، وتوفير مقتضيات الإنتاج، هو أكثر بركة وارتياحا من أن نأكل لحوما نرتاب في صحتها وسلامتها ولا نعرف كيف ذبحت، وعلى ماذا تغذت، ولا كيف تمت تربيتها.
وهنا فإنني لا أخفي كراهيتي للحوم الحمراء، ليس فقط للأزمات الكريهة التي تلاحقها في مجتمعنا، ولا لأسعارها التي اشتعلت، ولكن لأن العديد من الأطباء صار يضعها في قفص اتهامات بالتسبب في رفع معدلات الإصابة بأمراض القلب والضغط والكوليسترول، ولهذا صرت أقاوم التهام اللحوم الحمراء، ولا أضعف فقط إلا أمام أطباق الكباب والكفتة، والأخيرة لا أتناولها إلا في المنزل مرات متباعدة تجنبا لكوليسترولها المزعج، إلا بعد التأكد من سلامة لحومها من «لحام» معتبر لديه ضمير.
وفي واقع الأمر أن الإطلال على عالمنا من شباك الحقيقة ينبغي أن يعيد أمة تستورد معظم غذائها إلى جادة الصواب، فلا مناص من الاعتراف أن أمتنا أهملت طويلا في توفير الغذاء بأنواعه لشعوبها، على الرغم مما يتوفر لها من مقدرات هائلة، ذلك لأن استمراء شراء كل ما نحتاجه من منتجين بأنحاء متفرقة من العالم مغامرة، ولأننا نعيش عالما متعولما لا يعنيه إلا مكاسبه وأرباحه.
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
28/03/2017
2145