+ A
A -
تقول إيران شيئاً وتفعل عكسه .. هذا نهجها في العمل السياسي منذ قرون عملاً بمبدأ «التقية» الذي يشجع على إخفاء ما يبطن القائد أو المسؤول، أو حتى المواطن العادي المشبع بالتوجيهات الشاذة والمريبة.
وكان محمد جواد ظريف وزي الخارجية نجم الأيام الأخيرة في طهران، حيث حاور عدة أجهزة إعلامية منها وكالة «تسنيم» الإيرانية الرسمية ومحطة «سي.إن.إن» ومجلة «اليوم السابع»، عدا المواقع الإلكترونية، إيرانية كانت أم أجنبية.
تحدث ظريف عن كل شيء: عن تركيا والسعودية، وعن أميركا والاتفاق النووي وعن الإرهاب والعلاقات الإيرانية مع دول مجلس التعاون. وإذا كان في بعض عباراته قد كفّر آل سعود رداً على تكفير الباز للشيعة مضيفاً أن «إسلامكم غَيْرَ إسلامنا»، فقد عرض في هذه الحوارات ذاتها التفاوض مع الرياض وبقية عواصم الخليج العربي لحل الأزمات والصراعات التي تعصف بالمنطقة.
هذا التناقض فرض نفسه على أحاديث ظريف ومسؤولين آخرين قالوا بالفم الملآن إن كل الأزمات يمكن حلها إلا الصراع مع السعودية لأنه صراع وجود، ثم القفز إلى مربع آخر معاكس. وتكرار استعداد طهران للتفاوض مع الجميع بما في ذلك الرياض للوصول إلى طريقة للتعايش.
أنا شخصياً لا أثق بالطروحات التي يعرضها النظام الحاكم في طهران، لأن زعزعة استقرار الشرق الأوسط والخليج وتشييع المنطقة بالإكراه وتصدير ثورة الخميني إلى دول الجوار وما وراء الجوار هي سياسة موثقة وقائمة ومحملة بالشرور والنوايا السيئة.
وعندما تحدث ظريف عن ترامب، بدا وكأنه مستسلم لمستقبل أسود ينتظر الاتفاق النووي الذي قد يحول في النهاية إلى الأدراج، خاصة عندما رفع الوزير الإيراني عصا التهديد باستئناف التخصيب وتسريعه، في إشارة ضمنية قد تفسر على أنها سعي للقنبلة.
وإذا كان ترامب قد أصر في عدة مناسبات آخرها قبل أيام، على اعتبار إيران دولة مزعزعة للأمن والاستقرار، وتوسعية النزعة مما يتطلب تحجيمها وإيقافها عند حدها، فقد ألح ظريف على القول إن واشنطن تخسر فرصة ذهبية فيما يتصل بعلاقاتها مع طهران، مركزاً على التأكيد بأن بلاده لن تكون البادئة في أي حال، بالحرب ضد الأميركيين.
وكان وزير الخارجية الإيراني قاسياً على تركيا عندما وصفها بأنها ناكرة للجميل خصوصاً ليلة المحاولة الانقلابية التي سهر فيها المسؤولون الإيرانيون حتى الصباح، وهم يتابعون أحداث أنقرة كما قال، لكنْ ثمة أسباب وجيهة دفعت أردوغان وأوغلو إلى اتهام إيران بممارسة الطائفية والعرقية في تعاملهم مع المنطقة وتوغلهم في أراضيها واحتلال أقسام كبيرة منها.
ويمكن أن نعزو تبدل موقف تركيا من إيران إلى ثلاثة أسباب رئيسية: السياسة التوسعية في الإقليم، وتبدل السياسات الدولية وخاصة الأميركية تجاه طهران، واستخدام القيادة الإيرانية حزب العمال الكردستاني الإرهابي حسب تصنيف أنقرة، لتهديد أمن تركيا.
هذه الأسباب أجبرت أنقرة على الابتعاد عن طهران والتقارب مع الرياض، وهو ما أثار استياء صناع القرار الإيراني. لكن ثبوت اعتماد إيران الطائفية أساسا لتفجيرها الصراع في المنطقة، بات واضحاً لدى جميع دول العالم.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
27/03/2017
1930