+ A
A -
كان العقاد عدوا للنظم الشمولية ولذلك عندما اشتعلت الحرب العالمية الثانية بين الدول الديمقراطية الغربية وبين النازية الألمانية والفاشية الإيطالية كان مؤيداً للدول الغربية وهاجم النازية مبكرا جدا في كتاب «هتلر» الذي صدر سنة 1940 أي بعد قيام الحرب العالمية الثانية بسنة واحدة وكان هتلر وقتها يسجل أعظم انتصاراته وكتاب العقاد يهاجم هتلر هجوما قاسيا في كل صفحاته وكان يلقي بأحاديث في الإذاعات ضد هتلر والنازية وإذاعة ألمانيا النازية من برلين تهاجم العقاد.

وعندما اقتربت قوات هتلر من أبواب مصر اضطر العقاد إلى الهرب إلى السودان بعد أن أصدر النازي عليه الحكم بالإعدام. وظلت الدعاية البريطانية تعتمد على كتاب ومقالات العقاد وطبعت السفارة البريطانية آلاف النسخ من الكتاب ووزعتها في أنحاء البلاد.

وعندما قامت ثورة يوليو في عام 1952 كان العقاد قد وصل إلى الستين من عمره، وكان قد بلغ من الشهرة والمجد الأدبي ما جعله شديد الاعتزاز بنفسه ولم يسارع لإعلان تأييده للثورة كما لم يطلب مقابلة أحد من قادتها، ويذكر الشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف في ذلك الوقت في كتابه بقايا ذكريات الذي صدر عن مركز الأهرام للترجمة والنشر عام 1988 أنه عرض على العقاد أن يلتقي مع عبد الناصر في بيت الشيخ الباقوري، فكان رد العقاد أنه يشترط أن يحضر بعد أن يتكامل حضور المدعوين فإذا تراخى عبد الناصر في القيام بمصافحته فسوف يلعن اليوم الذي جمعه به وينصرف غير آسف على شيء.

كان العقاد الكاتب الوحيد الذي اختار أن يعيش من قلمه ولم يلجأ إلى وظيفة تضمن له دخلا ثابتا ولم يكن هدفه في الحياة الحصول على ثروة أو على منصب حرصا منه على أن يظل مستقلا وحرا ولهذا لم يطلب منصبا ولم تقدم له الثورة منصبا وقد استفاد من البعد عن السياسة وكما يقول أستاذ التاريخ الدكتور صابر عرب فإن العقاد يصلح لأن يكون موضوعا لدراسات علماء الاجتماع وعلماء النفس والتاريخ والأدب، حيث انصهر في تراث أمته العربية وأضاف إلى كل فروع المعرفة الإنسانية، وكانت آراؤه حادة كالسيف ومبادئه راسخة وهامته عالية ولا يقبل أنصاف الحلول.

ويبدو أنه لم يجد في عبد الناصر نموذج سعد زغلول الزعيم الذي ارتبط به ورسخت في ذهنه صفاته ومواقفه وعاش معجبا بشخصيته ومؤمنا بأنه الوحيد الذي توافرت فيه شروط الزعامة واستطاع أن يجمع خلفه الرجال والنساء والشيوخ والشباب كما استطاع أن يمحو الفوارق وكما قالت عنه صحيفة التايمز البريطانية بعد وفاته إنه كانت له مغناطيسية شخصية تجذب إليه الناس وقال عنه الزعيم الهندي المهاتما غاندي أنني اعتبره أستاذي ولم يجد العقاد ذلك عند عبد الناصر.



بقلم : رجب البنا

copy short url   نسخ
07/05/2016
4086