+ A
A -
لا يرضى اليمين الإسرائيلي المتطرف والخبير في جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية وأساليب الفصل العنصري، بأقل من إطلاق يد إسرائيل الشريرة وغير الشرعية، في استيطان كامل فلسطين.
وإذْ نقتبس ما قالته المناضلة ريما خلف في كتاب استقالتها من «الأوسكوا» بعد سحب تقريرها الذي يدشن رسمياً إسرائيل كدولة «أبارتيد»، من أن «من البديهي أن يهاجم المجرم (الصهيونية) من يدافعون عن قضايا ضحاياه» الفلسطينيين بالطبع، فإننا لا نود أن نكرر تفاصيل قرفنا من سياسات القادة الفلسطينيين وعجزهم الفاضح دون استثناء أحد، عن إدارة الكفاح المسلح الذي تحول إلى مشلّح بالفعل.
كما لا نود تكرار فضيحة الخديعة التاريخية التي تعرضنا لها منذ صدور وعد بلفور الذي منح اليهود جزءاً من فلسطين إلى أن سقطت الأرض كلها بيد اللص الصهيوني الذي وصفه قرار دولي بالعنصري، قبل أن تعمل واشنطن على سحبه من التداول أواخر القرن الماضي مثلما فعل المستبدون عندما سحبوا تقرير ريما خلف من سجلات المنظمة الدولية لأنه شخص بمهنية، إسرائيل دولة «أبارتيد» تمارس التفرقة رسمياً ضد شعب بأكمله.
لم يعد أي شيء في عصر الفضاء المفتوح، قابلاً للإخفاء، غير أن عقلية التدرج في سرقة أرض الآخرين ما زالت مستمرة رغم انكشاف الحقائق وافتضاح الأكاذيب والمؤامرات الصهيونية، واعتماد اللصوص على دول كبرى مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا للتغطية على أفعال إسرائيل وتبريرها وحتى الدفاع عنها.
وقد ذاق ترامب المدافع الكبير عن الصهيونية قبل حتى أن يصبح رئيسا، طعم الجشع والشر، وعانى منهما الآن بعد أن تجرأ وعبر عن قلقه بشأن الاستيطان اليهودي. هذا القلق سيتناثر في النهاية، لكنه يبقى محطة في المسار التاريخي للقضية الفلسطينية، وكذلك إدراك جل رؤساء الولايات المتحدة خطورة الفيروس الصهيوني السرطاني الخبيث، دون أن يلجأ شجاع واحد بينهم، إلى مواجهته.
سيأتي اليوم الذي يتمرد فيه الغرب على جرائم وتجاوزات يصعب إنكارها للأبد. وقد عاش مسؤولون أميركيون أياماً من العهر الإسرائيلي، خلال مفاوضات عبثية تواصلت في الأيام الأخيرة لبحث أفق الاستيطان في الضفة الغربية.
وكاد زعماء الصهيونية أن يصفوا ترامب بمعاداة الصهيونية عندما عبر عن انزعاجه من إصرار نتانياهو على البناء (هو في الواقع هدم) في كل مكان من فلسطين، وليس فقط في القدس الشرقية وداخل المستوطنات القائمة، كما يريد الرئيس الأميركي.
المؤسف أن مسؤولين (هم في الواقع غير مسؤولين) مثل محمود عباس، يرون في ترامب أملاً ويرددون أن استمرار الرفض سيجعل الفلسطينيين يخرجون من المولد بلا حمص.
أي حمص يا عباس وأي دولتين؟ الاستيطان الواسع أهال التراب على مثل هذا الحل إلا إذا كان رئيس السلطة (وهو أصلا بلا سلطة) سيحرك جيوشه لطرد نصف مليون يهودي من الضفة الغربية!
فنتانياهو لديه الآن خيار الكانتونات السكانية مع حقنها بالمال الوفير كرشوة، شرط عدم انغماس الفلسطينيين بالسياسة. شرط غير مقبول لشعب خلق مسيساً من الطفولة، ويتصاعد لديه رفض حل الدولتين إلى فوق الثمانين بالمائة. الدولة الثنائية قادمة، والخاسر سيكون إسرائيل وفكرة الدولة اليهودية .. والأيام بيننا.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
26/03/2017
2174