+ A
A -

من السخف الشديد أن يتهم نظام دمشق المتهالك السعودية وقطر وتركيا بالمسؤولية عن الهجمات المتتابعة التي شنتها - وما زالت - المعارضة المسلحة على قلب دمشق، ثم حماه، لأول مرة منذ بدئه - أي النظام - حربه الوحشية على الشعب عام 2011.
لكن هذا الاتهام غير القابل للتصديق أو التسويق أو حتى الإثبات، هو أسهل طريقة للتشويش على الحقيقة، وهي أن قوات الأسد عاجزة عن هزيمة المعارضة المسلحة.
هذه الحقيقة لا ندعيها أو نخترعها، بل أكدتها وكالات الأنباء والمرصد السوري لحقوق الإنسان، وكذلك (الواشنطن بوست) التي قالت إن الفصائل السورية حققت تقدماً عسكرياً كبيراً ليس فقط في العاصمة، وإنما في محافظة حماه، حيث تقهقر جيش بشار أمام المعارضة.
وحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، فإن الثوار الذين قادتهم «هيئة تحرير الشام»، شنوا ابتداء من الثلاثاء هجوماً مباغتاً ضد جيش النظام في ريف حماه الشمالي وسيطروا بحلول مساء الخميس على 11 بلدة وقرية وباتوا على بُعد أربعة كيلو مترات من مدينة حماه ذاتها.
أما دمشق التي غزتها الفصائل الأسبوع الماضي، فقد شهدت اشتباكات عنيفة مع قوات بشار في منطقة العباسيين مما أدى إلى إغلاق العديد من الشوارع والمحلات التجارية، وتعطيل المدارس وقصف بعض المواقع بقذائف الهاون وتفجير عربات عسكرية.
الأمر اللافت هو صمت موسكو التي لم تهب، كما العادة، إلى إسناد الأسد الذي استخدم بقايا طيرانه في مواجهة الفصائل دون أن يتمكن من دحرها. وفيما يتساءل الجميع عن أسباب اللامبالاة الروسية، وعدم مسارعة الحرس الثوري والمليشيات الشيعية إلى نجدة النظام، قال الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط «آندرو تايلور» لـ (الواشنطن بوست) إن ما شهده ميدان القتال يثبت أن قوات الأسد تفتقر إلى القدرة على إلحاق هزيمة بالمعارضة غير القادرة هي الأخرى في الظروف الحالية على إسقاط النظام.
في الوقت ذاته، يؤكد الباحث المتخصص في شؤون المنطقة «آرون لوند» أن جيش الإسلام، أقوى الفصائل المسلحة، لا يشارك في هجوم المعارضة، لكن انضمامه المحتمل للمهاجمين سيخلق مشكلة كبرى لبشار.
وليس واضحاً ما إذا كانت موسكو، التي أخفقت في مساعيها لوقف إطلاق النار عشرات المرات، قد شعرت باليأس أو اقتنعت بضرورة إحداث توازن حقيقي على الأرض يخلق معارضة ذات مرجعية سياسية تؤهلها لتقاسم جدي للسلطة مع النظام.
وفيما بدأت التحضيرات لعقد الجولة الخامسة من مؤتمر جنيف، يُنظر إلى تقدم المعارضة في دمشق وحماه، على أنه مسعى ناجح لترجمة مكاسبها العسكرية إلى مكاسب سياسية في جنيف، مع ما ينطوي عليه احتمال كهذا من تآكل لا مفر منه في حصة النظام من كعكة الحُكم.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
25/03/2017
2839