+ A
A -
لم يكد العالم المتحضر يصحو من صدمة برلين عندما أسفرت عملية دهس وحشية نفذها «ذئب منفرد» العام الماضي، عن 12 قتيلاً و56 جريحاً، حتى صعقته صدمة لندن.
ولا يختلف ذئب برلين عن ذئب لندن ولا عن مجموعة ذئاب أطلقها التنظيم الداعشي الأكثر شراً في التاريخ المعاصر، لينفذ حسب أرشيف الـ «سي.إن.إن» سبعين هجوماً إرهابياً في «20» بلداً منذ إعلان «الخلافة» المزعومة في الموصل والرقة عام «2014». وإذا أضفنا العراق وسوريا إلى الدول العشرين، يقفز عدد التفجيرات إلى المئات.
ولا مجال البتة للتظاهر بأنه يمكن فصل فوضى الشرق الأوسط عما يحدث في شوارع لندن أو باريس أو بروكسل أو سان برناردينو أو برلين أو نيس. أما ظاهرة الذئاب المنفردة، فقد كشفت ثغرة ضعف هائلة اجتاحت الأجهزة الأمنية في كل مكان، مع ما ينطوي عليه هذا الأسلوب الهمجي من مداهمة المدنيين الأبرياء وقتلهم في الشوارع المكتظة، والذين لا ذنب لهم إلا أنهم تواجدوا في المكان الخطأ.
هذه النشاطات الإرهابية المروعة، يصعب للأسف وقفها في المجتمعات، حيث تحتشد الجماهير في الميادين والشوارع والمراكز الترفيهية والمواقع السياحية كالموقع الذي نفذ فيه هجوم لندن قرب البرلمان ونهر التايمز وساعة «بيغ بن».
والمفجع في الواقع أن هذه العمليات غير المكلفة وذات النزعة الانتحارية من قبل أفراد معبأين بثقافة الموت والكراهية وإساءة تفسير المفاهيم الدينية والإنسانية، تشكل تحدياً هائلاً لكل المؤسسات الاستخبارية والأمنية على امتداد العالم.
وضمن هذه المعطيات فإن الدهس في نيس لم يكن الأخير وكذلك الدهس في برلين، كما أن الدهس والطعن في لندن يوم الأربعاء لن يكونا آخر العمليات الإرهابية. لذلك فإن السؤال لا يتعلق بما «إذا» كان سيقع هجوم آخر، ولكن «متى» سيقع.
وإذا كان تنظيم القاعدة الإرهابي هو أول من دعا إلى استخدام أسلوب الدهس في مدن الغرب منذ عام «2010» كما يلاحظ خبير الشؤون الإرهابية «بيتر بيرغن» في حديث للـ «سي.إن.إن»، فقد طورت الثقافة الداعشية الظلامية هذا الأسلوب ووظفته كطريقة رخيصة لحصد أكبر عدد ممكن من الأبرياء، وبث الذعر المجتمعي على نطاق واسع.
لن تنسى لندن تفجيرات القاعدة الأربعة المتزامنة على شبكة مواصلاتها عام «2005» عندما سقط «12» قتيلاً و«56» جريحاً، كما لن تنسى بروكسل استهداف داعش محطة المترو فيها في ديسمبر الماضي ما أدى إلى «32» قتيلاً و«340» جريحاً، والقائمة تطول.
ومع الاستنتاج الذي يقبله المحللون كافة حول نزوع التنظيمات الإرهابية إلى تصعيد ضرباتها ضد المدنيين في أوروبا والشرق الأوسط على ضوء الهزائم الواضحة التي لحقت بداعش في الرقة والموصل، يبقى السؤال متعلقاً بكيفية تطوير أساليب أفضل وأكثر تأثيراً للخلاص من هذه الآفة المزمنة.
فالمشكلة تكمن في عدم وجود «درع واق» من الإرهاب الذي يجب مقاتلته بأساليب مبتكرة وليس بالطائرات والجيوش فحسب.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
24/03/2017
2266